حصل ما كان متوقعا، وأعلنت الحكومة الإسرائيلية حل الكنيست، والدعوة لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في أبريل القادم، بعد أن تراوحت التقديرات أن تحصل إما في مارس على أقرب تقدير، أو في مايو على أبعد سيناريو.
لا يحتاج أحدنا خبرة ضليعة في الملف الإسرائيلي للخروج بخلاصة مفادها أن قرار تبكير الانتخابات، وعدم إتمام هذه الدورة سنواتها الأربع في نوفمبر القادم، جاء بدوافع حزبية وعوامل داخلية بالدرجة الأولى، ما يظهر حالة الاستقطاب الداخلية، ومستوى التنافس حامي الوطيس الذي ستأخذه الحملات الانتخابية في قادم الأيام والأسابيع.
إذا كان الوضع كذلك، كيف ستكون النتائج والتبعات على الصعيد الفلسطيني لمثل هذا القرار الإسرائيلي، وما هي الطريقة المثلى فلسطينياً لتجاوز هذه المرحلة الحرجة الحساسة في الداخل الإسرائيلي، وإن أمكن إعادة صياغة السؤال بالطريقة التالية: كيف سيكون السلوك الإسرائيلي تجاه الأراضي الفلسطينية، والحديث يدور هنا عن الضفة الغربية وقطاع غزة معاً.
دأب الفلسطينيون في سنوات ماضية حين كان يتم التحضير لانتخابات إسرائيلية على ترديد العبارة المشهورة أن "الدم الفلسطيني سيكون الثمن على مذبح صندوق الاقتراع الإسرائيلي"، وهي عبارة حملت كثيرا من الوجاهة والمصداقية في دورات انتخابية سابقة، لكنها لا تعني صحتها وثبوتها في كل دورة انتخابية.
في هذه النقطة بالذات، الأمر ليس مقتصرا على الطرف الإسرائيلي فحسب، الذي لا يبدي رغبة بسفك دمائنا فقط عشية الانتخابات، لأنه يسفكها ليل نهار، عند الانتخابات وما قبلها وبعدها، الأمر الذي قد يضع مزيدا من المسئولية الوطنية والأخلاقية على الفلسطينيين أنفسهم في عدم منح هذا المرشح الإسرائيلي أو ذاك لاستثمار دمائنا للحصول على مزيد من الأصوات والدعم.
من جهة أخرى، يعلم الإسرائيليون تماما، وأقصد صناع القرار، الذين يشكلون حكومة تسيير أعمال أن ثمن الذهاب إلى مغامرة عسكرية مع الفلسطينيين، وتحديدا في غزة، قد يرتد بصورة عكسية على من يبادر إليها، فالمسألة لم تعد نزهة نهاية الأسبوع فقط، فالمقاومة فضلا عن امتلاكها قدرات كبيرة عسكرية وتسلّحية، بات لديها نضوج أكبر، وتفهم عن قرب طبيعة تشكل الحلبة السياسية والحزبية الإسرائيلية، وهو ما ثبت في جولات تصعيدية أخيرة.
الترجيح المنطقي العقلاني يقول أن تحافظ إسرائيل على الأمر القائم على حدود غزة إلى حين إجراء الانتخابات، فلا يحدث تصعيد عسكري كبير يؤدي إلى حرب ستكون صورها ومشاهدها التدميرية في الداخل الإسرائيلي أسوأ دعاية انتخابية أمام الناخب الإسرائيلي، ولا إبرام تهدئة طويلة الأمد تجعل المعارضة الإسرائيلية تزاود على الحكومة الحالية بأنها اتفقت مع حماس التي تدعو للقضاء على إسرائيل.. يبقى السؤال: هل تصمد هذه المراوحة إلى أبريل القادم؟.. تعالوا ننتظر!