فلسطين أون لاين

​لمى البكري أسيرة يحترق قلب ذويها على وضعها الصحي

...
صورة أرشيفية
الخليل-غزة/ أحمد المصري:

ثلاث سنوات إلا قليلًا، لم تغب فيها صورة الفتاة الأسيرة لمى البكري عن مُخيلة ذويها لحظة واحدة، بل لم تنتهِ ساعات يوم من هذه الأيام إلا وكانت حديثــًا متبادلًا بين أفراد أسرتها، يلفه الحزن والألم على الفراق، وحالتها الصحية التي تعيش داخل الأسر.

ثلاث سنوات تروي والدة الأسيرة "البكري" غياب الضحكة فيها والابتسامة، والجمعة الجميلة، وأكل الطعام الهني؛ فكل شيء تحول أمامها أمًّا إلى لون أسود، كما حال أبنائها الذين ألفوا "لمى" دومًا بجوارهم، تلامسهم بعطفها ومزاحها.

وفي آخر زيارة جمعت الأم "لينا" بابنتها داخل الأسرى، في آب (أغسطس) الماضي، على عكس ما هو متوقع قلبها كاد ينفطر وجعًا وحسرةً، وهي ترى فتاتها الصغيرة الجميلة منزوعة الحرية، مكبلة اليدين بالأصفاد، التي نُزعت على بوابة غرفة الزيارة.

أيامٌ طويلة لم يطبق لوالدة الفتاة الأسيرة "البكري" جفن من بعد الزيارة، وهي تعاود بذاكرتها هول ما رأت؛ ففتاتها البكر الوحيدة بين أبنائها الذكور كما لو كانت مكسورة الجناحين، تعرج بوضوح وتتكئ على عكاز في ذهابها وإيابها، بسبب إطلاق الاحتلال الرصاص صوبها وهي لم تتعد سن الـ(15).

أصيبت لمى بثلاث رصاصاتٍ في ساقها وهي عائدة من مدرستها إلى منزلها قرب مستوطنة "كريات أربع" المقامة شرقي الخليل، وتُركت تنزف وقتًا طويلًا قبل نقلها بسيارة إسعاف إلى مستشفيات الاحتلال، ثم إلى سجن "هشارون"، قبل أن يحكم عليها بالسجن ثلاث سنوات ونصف سنة، بزعم "محاولة طعن مستوطن".

ولم تكن الأم هي الوحيدة داخل الأسرة التي تعيش في وجع وألم ظاهرين من بعد زيارة ابنتها، إذ كان حالها مطابقًا لما هو عليه ابنها الأصغر بعد رؤية شقيقته داخل سجن "هشارون"، وبدت الزيارة كما لو أنها قطعة من العذاب اكتوى بلهيبها أيامًا عدة، وبات جليًّا للعيان انطواؤه على نفسه.

تقول الأم: "حتى اللحظة جميعنا لسنا مصدقين أن لمى الطفلة الصغيرة التي أهدى لها والدها في آخر ذكرى ميلاد لها قبل الأسر دميةً عروسًا تغني وتتكلم، هي ذاتها التي نراها خلف اللوح الزجاجي؛ فلقد كبرت ولم تعد طفلة في جنبات السجن".

وبصوت تخنقه العبرات تضيف: "للعام الثالث على التوالي لمى ليست معنا، عاشت أعوام مراهقتها بعيدةً عنا بين جدران السجن وأقفال الزنزانة، والعد اليومي، والحشرات التي تملأ غرفتها، ورائحة الصرف الصحي التي أخبرتني عنها في زيارتي إليها".

وتلفت إلى أن ابنتها "لمى" على طول الوقت الذي عاشته في السجن حتى اللحظة ما زال جهاز تثبيت العظام (البلاتين) على إثر رصاص الاحتلال مركبًا في ساقها، مع فقدان الشعور بالجزء السفلي منها تمامًا.

تنظر الأم "لينا" إلى يوم 15 من كانون الآخر (يناير) القادم أنه سيكون أجمل أيام عمرها التي عاشتها وسوف تعيشها قادمًا، لأنه يوم موعد حرية ابنتها الوحيدة، ويوم إعلان دفن حالة الحزن والألم والشقاء من قلبها وقلوب ابنتها وأشقائها.