تابعت (إسرائيل) عن كثب إحياء حماس لذكرى انطلاقتها الحادية والثلاثين الذي شهدته مدينة غزة في الساعات الأخيرة، وبعيدا عن التقارير الصحفية الميدانية لوسائل الإعلام الإسرائيلية، لكن أوساط صناعة القرار الإسرائيلي قد يكون لها كلمة وتقدير بعد هذا المهرجان لتحديد بوصلتها باتجاه حماس، سواء الضربة أو الصفقة، أو المراوحة بينهما.
وفيما تتكاثر الضرورات الإسرائيلية بتوجيه ضربة قاصمة لحماس، فإن هناك أصواتا –وإن بدت منخفضة خجولة، مع تصاعدها في الآونة الأخيرة- تطالب بإجراء حوار أو تفاوض معها، وإن كان عبر طرف ثالث، ولهذا الحوار بنظرهم ضرورات، تسير في النهاية في ذات طريق ضرورات الضربة، ومن أهمها:
- حماس باتت عصية على الاستئصال، والقضاء المبرم عليها أصبح أمرا يزداد صعوبة مع مرور الوقت ، ليس لاعتبارات عسكرية قتالية فقط، بل لأن الحركة تجذرت في الواقع الفلسطيني، وليس بضربة هنا واغتيال هناك، يتم إلغاء تاريخ كامل يمتد لعقود من السنين، ولعل أعداد المشاركين بمهرجان انطلاقة حماس يقدم دليلا جديدا على ذلك.
- الدخول مع حماس في مواجهة عسكرية مفتوحة، لا يضمن لإسرائيل نتائجها النهائية، والكثير من الجنرالات المتقاعدين يذكرون القاعدة العسكرية الشهيرة: قد تكون صاحب الطلقة الأولى، لكن ليس بالضرورة أن تكون صاحب الطلقة الأخيرة! ولذا تبرز بعض المحاذير مما بين أيدي حماس من مفاجآت ليست سارة بالضرورة لجنرالات هيئة أركان -الجيش الذي –كان لا يقهر-!
- إجراء حوار أو تفاوض، مباشر أو غير مباشر، مع طرف قوي ذي قدرة ميدانية واسعة على إلزام باقي الأطراف بالتفاهمات التي يتوصل إليها، وهي الآن حماس، يوفر لإسرائيل شريكا قويا، كما شهدت به بعض فترات التهدئة التي خاضتها الحركة مع إسرائيل في سنوات سابقة، وأبدى مقاتلوها التزاما حديديا برأي القيادة السياسية.
- الثمن الباهظ الذي سيدفعه الجيش الإسرائيلي في المواجهة المرتقبة مع حماس، وحجم الخسائر البشرية والمادية التي ستضطر لدفعها المستوطنات المحيطة بغزة، واليوم دخلت تل أبيب على خط النار في المشهد الأول من المواجهة، ليس بالضرورة أن تكون إسرائيل قادرة على تحمل أعبائه.
في الوقت ذاته، فإن دوائر صنع القرار في تل أبيب تعتقد أن الإقدام على التفاوض مع حماس على تهدئة أو هدنة، سيمنحها فرصة لالتقاط الأنفاس، وإعادة تنظيم الصفوف، ومراجعة الخطط، والتهيؤ لجولات قادمة، بجانب إدارة الظهر كلياً للشريك السياسي في رام الله الذي فاجأ إسرائيل كثيرا بمرونته، فأي منطق سيسمح باستبدال الذي هو أقوى بالذي هو أضعف؟
هذا ملخص للنقاش المتجدد في الغرف الإسرائيلية المغلقة حول التعامل مع حماس، وربما يصاحبها كلما أحيت الحركة ذكرى انطلاقتها في كل عام، دون أن تحسم تل أبيب خياراتها النهائية بعد تجاه الحركة.