ذكّرتني مقولة نتنياهو بمقولة أرئيل شارون، حيث قال نتنياهو: لن أسمح باقتلاع أي مستوطن من بيته، أما الهالك شارون فقال: "مستوطنة نتساريم في غزة مثل تل أبيب"، وها هي غزة محررة وخالية من أي مستوطنة إسرائيلية، رغم الفارق الكبير بين شارون القوي ونتنياهو المرتبك الضعيف صاحب الهزائم الكثيرة.
الفلسطيني يعتقد أن فلسطين أرضه، والإسرائيلي يزعم أنها أرضه، ولكن الأرض في النهاية ستعود إلى أصحاب الاعتقاد الصحيح، وهم أصحابها الشرعيون، أما الآخرون فيمكنهم العودة من حيث أتوا، أو تحمل تبعات احتلالهم أرض الغير، ومن يعتقد أن دولة الاحتلال لا تقهر ولا تتراجع فهو مخطئ، وغزة تشهد على ذلك وكذلك سيناء وجنوب لبنان.
ما يزيد على نصف مليون مستوطن إسرائيلي يقطنون في الضفة الغربية والقدس، وقد يظن البعض أن وجودهم عقبة كبيرة أمام تحرير الضفة الغربية، وأنا أعتقد عكس ذلك تماما، حيث كانت هناك مستوطنات خالية من سكانها في أوج الانتفاضة الثانية، وعمليات المقاومة في الضفة الغربية تجعل أعدادا من المستوطنين تعود للمبيت أو حتى السكن داخل المناطق المحتلة عام 48. المستوطن مجرد مستثمر جبان ولا يمكنه أن يعد رأسه ونفسه ضمن رأس ماله. أولئك الذين يهاجمون القرى الفلسطينية ويرجمون المركبات جبناء يهاجمون بأول الليل ويبيت بعضهم داخل منطقة الخط الأخضر، كثير من المستوطنين لا يهاجمون، لكنهم يحرصون على عدم الخروج من مستوطناتهم، ومنهم أيضا من يفضل الانتقال إلى السكن في مناطق أكثر أمنا. شوارع الضفة الغربية لم تعد آمنة، وهم يشعرون بذلك.
نتنياهو يقول إنه لن يسمح باقتلاع مستوطن من الضفة الغربية، ولكنه يعمل بعكس ذلك حين يجتاح المدن والقرى الفلسطينية، ويطلق يد المستوطنين ليعيثوا فسادا فيها، وهذه أفضل وصفة لاقتلاع المستوطنين، وخاصة حين يعجز بنيامين نتنياهو عن حماية جنوده، فالجيش الذي لا يستطيع حماية أفراده سيعجز عن حماية مستوطنين مستفزين وقتله.
في الختام نقول إنه لا يوجد مستقبل لليهود على أرض فلسطين، لا في غزة التي تحررت ولا في الضفة التي تغلي وتنتفض، ولا حتى في المناطق المحتلة عام 48 التي يسكنها قرابة 2 مليون فلسطيني، وكل ما تستطيع دولة الاحتلال فعله هو عقد اتفاقات مرحلية مع الشعب الفلسطيني حتى توفر لها بعض فترات الهدوء والأمن.