فلسطين أون لاين

صورة سيلفي.. والميت خلفي!!!!!

...
صورة أرشيفية
د. نيرمين ماجد البورنو

بتنا نشاهد تداول ونشر صور سيلفي لأجساد ميتة تغضب لها النفس البشرية والانسانية بل إنها توصف بأنها صور "عديمة الرحمة"، نظرًا لما تحتويه من مشاهد أليمة تفجع القلب بين مستخدمي ورواد مواقع التواصل الاجتماعي وتعليقات وتصرفات من أهل الفقيد تدمي القلب والعين، تصرفات تستفز المشاعر والآدمية، والأغرب من ذلك فور نشر الصورة يبدأ سيل من الهجوم والدعاء على صاحب السيلفي ويطلب صاحب المنشور من المتابعين وضع أيقونة لقلب حزين ومكسور ورموز تعبيرية محزنة ويتابع بإعجاب ويرد على التعليقات أولًا بأول أثناء مراسم الدفن وبعدها.

فقد نشرت العديد من الصور المستفزة لسيلفي لجثث، مثال على ذلك نشر مراهق صورة سيلفي مع جده المتوفي في أحد المستشفيات على وسائل التواصل الاجتماعي مما أثار غضبًا شديدًا لانتهاك المراهق حرمة جده الميت وكتب تعليقًا "باي باي جدو" وأخرج لسانه في الصورة، مما أثار موجة انتقادات حادة على مواقع التواصل الاجتماعي وسط مطالبات بالتحقيق في الواقعة غير الأخلاقية.

وأثارت أيضًا نجمة شهيرة موجة من الجدل والانتقادات اللاذعة ضدها، بعدما أقدمت على نشر صورة "سيلفي" مع والدها الميت، ولم تقتصر ظهور المغنية وعارضة الأزياء الصربية "جيليكا" على سيلفي مع جثة والدها بل عمدت إلى اتخاذ وضعية "البطة" بشفتيها، وعلقت على الصورة قائلة: شكرًا على كل شيء ستبقي في قلوبنا، مع وضع رموز تعبيرية تبكي وقلب مكسور، لكن ذلك عرضها لهجوم مروع ووصفها كثيرون بالمريضة وأنها يجب أن تشعر بالخجل.

وصورة أخرى نشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي لشاب مع جثه عمه في سرير الجنازة قام بنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي مع تعليق "عمي العزيز رحل" وتداول المستخدمون الصور ووصفوها بأنها مقززة وأنه يجب عليه إظهار بعض الاحترام للميت, واللبناني حارس المقابر "ديب" والذي كسر كل القواعد وابتكر نوعًا جديدًا من السيلفي إذ نبش قبر أمه ليري كيف أصبحت والتقط صورة سيلفي معها، والاسباني وحفار للقبور بعدما استخرجوا جثه خاله الميت منذ 23 عاما لالتقاط صورة تذكارية له معها، الأمر الذي تسبب في تعرضه للمحاكمة والمساءلة القانونية بتمثيلهما بجثة الرجل المتوفي.

والأغرب من ذلك أنه عقد مسابقة أجريت على موقع VK وهو موقع يشبه الفيس بوك في صفحة روسية أسسها مجموعة من الشباب يطالبون من معجبي الصفحة أن يقوموا بإرسال سيلفي مع شخص ميت، ويزور هذا الموقع حوالي الـ70 مليون مستخدم يوميًا، وتشترط من المتسابق أن يأخذ صورة سيلفي مع شخص ميت ويتم اختيار أفضل سيلفي لاحقًا، وينال الفائز مبلغا ماديا كجائزة على صورته، صورة السيلفي مع الجثة, أما الشرط الثاني وهو أن يبتسم صاحب السيلفي بجانب الجثة لأن الميت ذاهب لمكان أفضل واذا تصفحت حساب المجموعة تجد المئات من صور المراهقين مع الجثث في المشافي والمنازل والجنازات.

تلك التصرفات تستفز وتنهتك حرمة الميت والأديان وتعمل على إيذاء لمشاعر المجتمع بأكمله والذي يرفض مثل هذه الممارسات البشعة التي تخرج عن قيمه وعاداته, ولأنها لا تراعي حرمة الموت, فهل المشاعر الإنسانية تبلدت بشكل غريب الى أن وصل بنا الحال للتباهي والمفخرة بأوجاعنا ومصائبنا، وهل تعدى الأمر ليلتقط سيلفي مع الميت؟؟؟ وهل التطور والتكنولوجيات نقلتنا لنتعدى حرمة الموتى في قبورهم وعلى أسرّة موتهم؟؟؟ وهل بتنا نسعى لتطبيق تقنية لإعادتهم للحياة مرة أخرى؟؟؟ وهل نسعي لتجربة التطبيق الذكي الذي يتنبأ بموعد وفاتنا؟؟؟ وهل تبلدت مشاعرنا الى ان وصل بنا الحال للتباهي بالآلام والأوجاع !!!!!