رغم الخلاف القائم بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، والجمود السياسي الحاصل منذ 2014، لكنهما تواصلان عملهما ضد من يعدّانه عدوًّا مشتركًا، وهي قوى المقاومة، وحماس على رأسها.
ولئن تجلى هذا العمل الفلسطيني الإسرائيلي في السنوات الماضية في التنسيق الأمني، فقد أخذ في الأيام الأخيرة جبهة جديدة تمثلت بسياسة تجفيف المنابع المالية لحماس، ومصادرة ما ترسله من أموال للضفة الغربية.
فقد أعلنت إسرائيل قبل ساعات انضمامها لمنظمة محاربة تمويل الإرهاب، بهدف تجفيف منابع المنظمات المعادية، حيث صادرت أجهزتها الأمنية بين 2013-2017 ما قيمته 24.6 مليون يورو سنويًّا تجد طريقها للمنظمات المعادية، على ذمة وزيرة القضاء آيليت شاكيد، فيما صدّقت السلطة الفلسطينيّة أواخر نوفمبر على الإستراتيجية الوطنيّة لمكافحة تمويل الإرهاب.
يعلم الفلسطينيون أن هناك قوائم سوداء لدى البنوك لبعض المواطنين لا يستطيعون فتح حسابات فيها، أو يطلب من البنوك إغلاق حساباتهم، بزعم أنهم ينقلون أموالًا من غزة للضفة، خاصة من حماس.
تزامن التصديق على هذه الإستراتيجية الفلسطينية مع اعتقال الشابّة سهى جبارة من رام الله، منذ 40 يومًا بتهمة جمع وتلقّي أموال غير مشروعة، فيما دأبت حماس على اتّهام السلطة بمصادرة ملايين الدولارات من أموالها، حتى أن السلطة أجبرت فلسطينيين بالضفة على سحب أموالهم من البنك ومصادرتها، بزعم وصولها من حماس في غزة.
استكمالًا لجهود السلطة الفلسطينية، فهي تشمل إجراءاتها ضدّ الجمعيّات الخيريّة التي تواجه صعوبات بالغة في تحويل الأموال من غزّة إلى الضفّة، وبالعكس، وزادت الصعوبات منذ أواسط عام 2017، إذ باتت البنوك تطالبها بتحديد الجهة المستفيدة، وتطلب فواتير ومستندات تفصيليّة حول التحويلات البنكية.
مع أن هذه الجمعيات تواجه مضايقات تفرضها إسرائيل والسلطة، لأنها تتهمها بدعم حماس ماليًا، رغم عدم ثبوت قضايا محددة بوصول أموال من الجمعيات لموازنة حماس، لكن الجانبين عمدتا في السنوات الماضية لتجفيف منابعها.
في ذات الوقت، تشنّ المخابرات الإسرائيليّة بين حين وآخر حملات كبيرة ضدّ أموال حماس بالقدس والضفّة الغربية، يرسلها عناصر من حماس في غزة أو خارج الأراضي الفلسطينية لرفاقهم في حماس داخل الضفة، وزعمت أن حماس طوّرت وسائل تهريب الأموال عبر شركات وجمعيّات وحسابات وهميّة في البنوك، واستخدام تطبيقات الهواتف الذكيّة للقيام بحوالات بنكيّة، مع أن إسرائيل تقر بأن الأموال التي ترسلها حماس من غزة لنشطائها بالضفة، توزعها على عائلات الأسرى والشهداء، وأحيانا لتشكيل خلايا عسكرية.
لا يبدو أن واشنطن بعيدة عن المشاركة في الجهد الفلسطينيّ لوقف تمويل حماس، فقد أكّدت الخارجيّة الأميركيّة مؤخرًا أنّ السلطة تواصل جهودها لمكافحة "الإرهاب"، فيما أطلع محافظ سلطة النقد مساعد وزير الخارجيّة الأميركيّ على جهود السلطة في ذلك.
ليس سرًا أن حماس تواجه بالضفّة صعوبات كبيرة من السلطة وإسرائيل، اللتين تقفان لها بالمرصاد أمام أيّ جهود تبذلها هناك، لا سيّما في نقل الأموال، سواء لدعم أسر الشهداء والجرحى أم لإقامة بنية تحتيّة تنظيميّة، ما يفرض على حماس تحدّيًا في كيفيّة العثور على طرق بديلة للالتفاف على هذه الملاحقات.