دولة العدو الإسرائيلي تحاصر قطاع غزة منذ عشر سنوات حصارا مشددا، وتمنع مئات السلع من الدخول إلى القطاع الذي يعاني من تزايد كبير في عدد السكان (مليونان وواحد من عشرة تقريبا) ، ويعاني من بطالة هي الأعلى في دول العالم نسبة لعدد السكان، وتعامل سلعة الإسمنت اللازمة للبناء وإعادة الإعمار معاملة أمنية مشددة، وتكاد تعامل مشكلة الكهرباء أيضا بشكل أمني، فهلا تخشى دولة العدو من الانفجار؟! ! .
لقد رأينا شبابا في تونس وغيرها يحرقون أنفسهم تعبيرا عن حالة الضيق والانفجار، فهل تريد دولة العدو إحراق غزة، وقتل سكانها قتلا بطيئا، في ظل عالم ظالم لا يستمع إلا للقوي، ودولة العدو قوية، وتكاد تكون نافذة الكلمة عند الإدارة الأميركية الجديدة ( ترامب وحاشيته)، وهي نافذة الكلمة لدى دول أخرى في العالم.
ما دفعني لهذه المقدمة عن الحصار والمعاناة هو (المعاناة في القطاع الصحي ) الذي لا يقبل التأخير والتأجيل، وهو وضع إنساني من الدرجة الأولى، لا سيما في الأمراض الخطيرة كالسرطان، يقول ممثل مؤسسة الصحة العالمية الدكتور ( محمد لافي ) : إن الاحتلال الإسرائيلي منع ما يقارب 8277 مريضاً فلسطينياً من السفر عبر معبر بيت حانون شمال غزة؛ لتلقي العلاج في المستشفيات بالضفة الغربية أو الداخل، مؤكداً أن ذلك يؤدي إلى تبعات خطيرة على صحة المرضى.
ويقول الدكتور إن "نسبة المسموح لهم بالسفر خلال عام 2016 كانت 62%، بفارق 31% عن الأعوام الماضية، حيث بلغ عددهم 8277 مريضاً لم يتمكنوا من الوصول للخدمات الطبية في الوقت المناسب"، لافتاً إلى أن هذا الأمر زاد من معاناتهم خصوصاً مرضى السرطان الذين يحتاجون العلاج الكيماوي بانتظام. وإن مؤسسة الصحة العالمية ترصد وتوثق الانتهاكات الإسرائيلية بحق المرضى الفلسطينيين بالتعاون مع لجنة التنسيق والارتباط وحقوق الإنسان بغزة، وتنشرها في تقارير دولية تعمم على كل مؤسسات الأمم المتحدة لفضح الاحتلال". انتهى الاقتباس.
إن نسبة مرضى السرطان في غزة نسبة عالية قياسا بعدد سكان قطاع غزة، وأدوية السرطان لا تكاد تكون متوفرة بشكل جيد أو دائم، ويعتمد أصحاب هذا المرض على التحويلات الخارجية، والضفة، وداخل الخط الأخضر، وهم فئة مرضها مرتبط بمواعيد وتواريخ محددة لتلقي جرعة الدواء الكيماوي، وكل يوم تأخير هو ضرر إضافي للمريض، وضرر آخر لعائلته من شدة المعاناة.
إن الأرقام التي جاءت في كلام ممثل مؤسسة الصحة العالمية تفضح تصرفات العدو الذي يزعم أنه يقدم تسهيلات للحالات الإنسانية، ومن ثمة فإن هذه الوثيقة المحايدة يجدر أن تحرك العالم من أجل هذه الفئة المتضررة على وجه الخصوص، والشعب على وجه العموم. نريد موقفا عمليا من العالم ودوله العظمى التي تزعم أنها صاحبة قيم، وترعى حقوق الإنسان، ونريد موقفا عمليا من مؤسسات الأمم المتحدة فهي راعية أولى للاجئين الفلسطينيين منذ سنين؟!
إنه من حق كل غزي أن يسافر إلى مستشفيات الضفة الغربية لتلقي العلاج في وطنه في الوقت المناسب. إنني أكتب عن هذه المعاناة من هول ما رأيته من ألم المرضى، وألم ذويهم، وعدم قدرتهم على السفر إلى الخارج في وقت مناسب بسبب أوضاع معبر رفح التي يعلمها الجميع. والله أرحم الراحمين.