توسع الإسرائيليون في الأيام الأخيرة في محاولة إجراء مقارنات سياسية وعسكرية، بين حرب لبنان 1982 المسماة "سلامة الجليل"، والعملية العسكرية الجارية ضد حزب الله 2018، المسماة "درع الشمال"، من خلال سرد أوجه الشبه والاختلاف بينهما، وإمكانية تدحرج العملية الحالية إلى مواجهة واسعة.
السطور التالية اجتهدت بحصر أهم ما تحدث به الإسرائيليون، لا سيما يوسي ميلمان، خبير الشئون الأمنية، حول هذه المقارنة الجديرة بالدراسة، على النحو التالي:
- أوجه الشبه:
1- التقى أريئيل شارون وزير الحرب في مايو 1982 بوزير الخارجية الأمريكي إلكساندر هيغ، وبعد شهر اندلعت الحرب ضد منظمة التحرير، والتقى اليوم نتنياهو مع مايك بومبياو وزير الخارجية الأمريكي، وبعد أيام بدأت العملية ضد حزب الله.
2- يسأل الإسرائيليون والفلسطينيون واللبنانيون اليوم، كما سألوا قبل 36 عاما: هل نتنياهو، كما شارون، أبلغ بومبياو، بنوايا إسرائيل الخروج لعملية عسكرية في لبنان، وهل مضيفه الأمريكي منحه الموافقة، أم أنه استخلص من اللقاء أن واشنطن لا تعارضها دون إعطاء موافقة؟ وهل منحت واشنطن تل أبيب ضوءًا أخضر أم أصفر؟
3- خطة الحرب 1982 كانت جاهزة ومعدة سلفًا، بتنسيق كامل بين شارون ورئيس أركانه رفائيل إيتان، كما اليوم هناك انسجام بين نتنياهو وقائد جيشه غادي آيزنكوت.
- أوجه الاختلاف:
1- إسرائيل في 1982 كانت تبحث عن ذريعة للحرب، وتم ذلك بمحاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في لندن، لكنها اليوم في 2018 لا تسعى لذلك، بل وتخشى منه.
2- كان لإسرائيل آنذاك وزير حرب ذو تطلعات مغامراتية، ولديه جاهزية نفسية لأخذ مخاطر، وتنفيذ خطط استراتيجية كفيلة بتغيير خريطة الشرق الأوسط، لكننا اليوم في 2018 لدينا نتنياهو وزير حرب حذر وعقلاني وبعيد عن المغامرات، يعمل كل ما بوسعه لمنع اندلاع الحرب، هكذا رأيناه في غزة، ونراه اليوم في لبنان.
3- نتنياهو ليس لديه أجندة تؤدي لتغييرات جوهرية جيو-إستراتيجية في الشرق الأوسط، كما شارون، نتنياهو سياسي يسعى دائما للحفاظ على الأمر الواقع، وتقويته.
4- قد لا تكون الإدارة الأمريكية متشجعة لشن حروب في الشرق الأوسط، فاجتياح إسرائيل للبنان في 1982 اضطر الأمريكان لإرسال قوات حفظ سلام دولية، وحصلت نتائج صعبة كلنا نذكرها، بسبب استهداف هذه القوات من حزب الله.
أخيراً.. أثبتت لنا الكثير من الأحداث السياسية والعسكرية التي تشهدها منطقتنا، لا سيما العدوان الذي تشنه إسرائيل على أكثر من جبهة وساحة، أن "التاريخ يعيد نفسه، ولكن بتغير الأسماء والأماكن"، مما قد يرجح تكرار حرب لبنان الأولى، أو العمليات اللاحقة مثل عناقيد الغضب وتصفية الحساب، وربما حرب لبنان الثانية، مع وجود فوارق عديدة لا تخطئها العين.