أعلن جيش الاحتلال في الخامس من الشهر الجاري، عن إطلاق عملية (درع الشمال)؛ وهي عملية عسكرية تهدف للكشف عن أنفاق يقول الجيش إن حزب الله اللبناني حفرها أسفل الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، في حين عمل الجهاز الإعلامي الإسرائيلي على تضخيم العملية، رغم أن مجرياتها الحالية لم تشهد تطورات جديدة على الأرض.
وتثير العملية تساؤلات حول إن كان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي أراد من خلال إطلاق هذه العملية، وفق مراقبين، التغطية على ملفات الفساد التي تواجهه، سيفتح على نفسه أزمات جديدة في الساحة الإسرائيلية بعد إطلاقه عملية ضُخِّمت دون حصد إنجازات ملموسة.
زوبعة وتضخيم
المختص في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي، يتوقع أن تستمر عملية "درع الشمال" على مدار أكثر من شهر ونصف، لكنها لا تزال حتى اليوم عملية سطحية وليست بمقدار ما أظهره وضخمه الإعلام الإسرائيلي.
وقال مجلي لصحيفة "فلسطين": "إن مستوى العملية عاد لحجمه الطبيعي، فلا يوجد معلومات تخرج عن سير العملية على الأرض، وأن الحديث عنها اليوم منخفض، حتى أن الحديث الدائر عن اكتشاف أنفاق هو حديث خجول، إذ لا يتجاوز عدد الأنفاق المكتشفة حتى الآن ثلاثة أنفاق، وهي قصيرة الطول مقارنة بأنفاق قطاع غزة".
ولفت النظر إلى أن نتنياهو ضخم العملية، وصنع زوبعة للتغطية على ملفات الفساد التي تلاحقه وتتطور جديًّا ضده، مضيفًا: "أراد نتنياهو من ذلك أن يظهر أنه رجل الأمن الأول والقائد لكل صغيرة وكبيرة".
لكن مجلي يرى أن هذه المسرحية التي صنعها نتنياهو "لن تفيده في شيء لأن الملفات ضده باقية، وسيذهب إما لقفص الاتهام أو لعقد صفقة مع نيابة الاحتلال تنهي فيها حكمه سواء قبل الانتخابات أو بعدها –بغض النظر عن النتائج– مقابل عدم الدخول للسجن، في ظل احتمالية إجراء انتخابات مبكرة".
ولا يستبعد أن تدخل هذه العملية نتنياهو في أزمة جديدة، مشيرًا لوجود مشكلات كثيرة تواجه حكومة الاحتلال لكونها مبنية على أكثرية ضئيلة ما يجعلها مهددة بالسقوط.
اللواء المتقاعد واصف عريقات يقول لصحيفة "فلسطين": إن عملية (درع الشمال) "هي السهل الممتنع لنتنياهو، لكن ما زالت كل الاحتمالات مفتوحة، لكونه لم يحقق أي نتائج حتى الآن، وهذا ما يدعو للقلق والريبة حول إن كان سيذهب للتصعيد أو يكتفي بالنتائج الحالية".
وأشار عريقات إلى أن نتنياهو حتى اللحظة يرمي الكرة في ملعب اللبنانيين، في ظل وجود قوى دولية مثل أمريكا تطالب دولة لبنان بتدمير هذه الأنفاق من جانبها.
درع نتنياهو
فيما يرى المختص في الشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش، أن العملية من بدايتها كانت استعراضية بالدرجة الأولى، هدفها إظهار اهتمام نتنياهو بالشأن الأمني وتغليبه على أي اهتمامات أخرى.
وقال أبو غوش لـ"فلسطين": "الجميع يعلم أن (درع الشمال) هي عملية هندسية تقوم بها وحدات هندسية، لم تتقدم مترا واحدا أو تتجاوز الخط الأزرق الفاصل، ما يؤكد أنها استعراضية هدفها إبراز قوة نتنياهو لتعزيز فرص فوزه بالانتخابات المقبلة".
وأضاف: "كما أراد نتنياهو من هذه العملية، التغطية على الفشل الاستخباري الذي وقع بغزة بعد كشف كتائب القسام الجناح العسكري لحماس عن قوة إسرائيلية خاصة تسللت إلى خانيونس، وقتلت قائدها".
وعن صدى العملية في داخل دولة الاحتلال، ذكر أبو غوش أن السياسيين يسمونها "درعًا لحماية نتنياهو" من تحقيقات الفساد، وأن مناورة نتنياهو هذه، مكشوفة لجمهور واسع من الإسرائيليين، لافتًا إلى وجود قناعة لدى دولة الاحتلال بعدم قدرتها على المجازفة بجنوب لبنان من خلال إشعال حرب قد تلحق بها خسائر كبيرة.
وبيّن أن الاحتلال يعاني محدودية خياراته العسكرية، بعد التطورات في سوريا ودخول منظومة دفاع جوية روسية من طراز" أس 300"، الأمر الذي يجعل من فرص المناورة بالسماء السورية محدودة.
ولفت أبو غوش النظر إلى أن نتنياهو يحاول من خلال العملية إبراز الخطر الإيراني، وتغيير خريطة التحالف في الشرق الأوسط على أساس جديد بمواجهة إيران، مشيرًا إلى أن المأزق الإسرائيلي سيبقى قائمًا في ظل عدم وجود أي رؤية للحل العسكري مع غزة.

