كثيرة هي الدلالات السياسية والدبلوماسية التي يمكن استلهامها مما شهده تصويت الأمم المتحدة على مشروع القرار الأمريكي لإدانة حركة حماس، لكن السطور التالية ستركز في القراءة الإسرائيلية له.
ليس سراً أن السياسة الإسرائيلية تعتمد بتسويقها على آلتها الدبلوماسية، وعلاقاتها الدولية فيما وراء البحار، رغبة منها بكسب المزيد من الأصوات والتأييد، وتحييد الخصوم والأعداء، كما تجسد عملياً بصورة واضحة في مداولات التصويت داخل المنظمة الدولية خلال الساعات الماضية.
إن استعراضا فاحصا للدول التي وقفت بجانب مشروع القرار الأمريكي المدعوم إسرائيليا لإدانة حماس في المنظمة الدولية، يعطي دلالات واضحة، تلزم صانع القرار في حماس، وهو يقوم بتغذية راجعة مما حصل:
- ما زالت إسرائيل "الطفل المدلل" للمنظومة الغربية، رغم ما يقال عن تباينات واختلافات في سياسات الجانبين في ملفات عديدة، وإلا فكيف يمكن تفسير التصويت الأوروبي بالإجماع، وبدون استثناءات، مع مشروع القرار لإدانة حماس، مما يعني أن حماس مهمة ليست سهلة في قادم الأيام لشطب اسمها من قائمة المنظمات الإرهابية للاتحاد الأوروبي.
- خيط رفيع يفصل في السياسات الأوربية بين المواقف الرسمية لعواصم صناعة القرار، وبين المجتمع المدني الأوروبي والمنظمات غير الحكومية، بمختلف مسمياتها ومهامها، بدءا من حركات المقاطعة، والنقابات الأكاديمية، ومؤسسات حقوق الإنسان التي تناصب السياسات الإسرائيلية العداء والمعارضة.
- المواقف العربية والإسلامية التي تزعم إسرائيل إقامة علاقات تطبيعية معها، ما زالت بجانب الحق الفلسطيني، صحيح أننا سمعنا خطابات ومفردات تدين إطلاق الصواريخ الفلسطينية على "المدنيين" الإسرائيليين، لكن هذه الدول لا تستطيع أن تقف في وجه الإجماع العربي: الرسمي والشعبي، بمناصرة إسرائيل وإدانة المقاومة الفلسطينية، ما يعني أن علاقات إسرائيل التطبيعية لم تغادر بعد القصور الرئاسية والملكية والأميرية، ولا أظنها ستصل لما بعدها!
- يسجل لإسرائيل نجاح دبلوماسي لا تخطئه العين، ونحن نرى تصويت بعض الدول المناصرة للقضية الفلسطينية، لكنها ذهبت لتأييد مشروع القرار الأمريكي، أو الامتناع عن التصويت، ومنها بعض الدول الأفريقية التي وصلتها إسرائيل مؤخرا، فضلا عن الهند، صديقة الفلسطينيين التاريخية!
- أخفقت إسرائيل وهي تسعى وتحاول وتجتهد بتصوير حماس على أنها النسخة الفلسطينية من التنظيمات المسلحة التي يعلنها العالم إرهابية، ممن انتشرت في منطقتنا في السنوات الأخيرة.
أخيراً.. فشل أمريكي إسرائيلي واضح في إدانة حماس، وتراجع فلسطيني واضح في النجاة من هذه الإدانة بأعجوبة، مما يطرح أسئلة كثيرة أمام حماس في قدرتها على مخاطبة العالم في ساحته الدبلوماسية التي تبدو الحركة مطالبة لتغطيتها، ومنحها مزيدا من الاهتمام!