فلسطين أون لاين

​"سيري" (siri) ما بين التطور المرغوب والحذر المطلوب

التطوّر التكنولوجي والتقنيات المستجدة في مجال المعلوماتية من أبرز مظاهر تقدم وقوة الدول في عصرنا الذي يعرف بأنه عصر ثورة المعلومات، وإن ثورة التقنية غيّرت الطريقة التي نعيش بها في العالم إلى الأبد؛ فتطور التكنولوجيا بات يلح علينا أن نتكيف مع حقيقة أن تغييرات هائلة ستدخل في حياتنا اليومية، وسيتعدى الأمر حدود الخيال أيضًا.

ومن التقنيات الحديثة التي أصدرتها شركة أبل تقنية "سيري" (siri) التي تتيح للمستخدمين إمكانية التحدث، وكأنك تحاكي إنسانًّا طبيعيًّا يعمل على تلبية طلباتك، وتتميز بإجابتها الطريفة التي لا تشعر المستخدم بأنه يتعامل مع برنامج مصمت, فيحول الصوت إلى كلمات ويبحث عنها بالإنترنت، ويقدم لك النتائج التي تناسبك؛ فمثلًا إذا سألتها: "ما حال الطقس اليوم؟"؛ فسوف تظهر لك حالة الطقس لكل ساعة في اليوم، مع ذكر تفاصيل أخرى متعلقة بالرطوبة وسرعة الرياح واحتمال سقوط الأمطار، وإذا طلبت: "افتح الواتس أب" -مثلًا- تفتح "سيري" التطبيق على جهازك مباشرة، بمعنى خدمة صوتية تتيح لك التعامل مع الهاتف بإلقاء الأوامر الصوتية فقط، بالضغط المطول على زر القائمة الرئيسة في هاتفك iPhone وستعمل "سيري" تلقائيّاً. وهناك بعض الأسئلة التي يمكن أن تطرحها على "سيري" لكي تشاهد مهاراتها الطريفة وقدرتها على إثارة ضحكك, فإذا كنت وحيدًا وترغب في من يؤنسك اسأل سيري ما ناتج قسمة صفر ÷ صفر، وستفاجئك بإجابتها المضحكة: "تخيل لو قلت لك اقسم عدد صفر كعكة على عدد صفر من الأشخاص، هل تعتقد أن هذا سيكون سؤالاً منطقيّاً؟، أيضًا وحش الكعكات سيكون حزينًا لأنه لا توجد كعكات حقيقية، وأنت أيضاً حزين لأنك وحيد وتمتلك صفراً من الأصدقاء", واستفزها أيضاً بذكر منافسيها، كذكر نظارة جوجل، فردها قد يجعلك تموت من الضحك: "ظريف، أنت ظريف لكونك غير مضحك، أتدري لماذا؟، لأنك سخيف".

ومن المميزات الأخرى لـ"siri" أنها لا تبحث في الإنترنت فقط، وإنما تستطيع أيضًا أن تبحث في جهازك، إذا طلبت أن تستمع إلى معزوفة موسيقية أو فيلم أو صور قد احتفظت بها من قبل، ويمكنها أيضًا اختيار أي من الأسماء الموجودة في هاتفك المحمول، والاتصال بها، والنطق بالأسماء، والبحث عن البريد أو المذكرات، وتستطيع سيري حل المسائل الرياضية السريعة والمعقدة، وهي تقنية مثقفة جدًّا أشبه بمركز ذكاء صناعي كامل، ويمكنك السؤال عن تفاصيل مطعم معين وكيفية الوصول إليه، ويمكنك بسهولة معرفة حالة الطيران بسؤال سيري، وتضمين رقم الرحلة، وهناك شيء لطيف وغريب، وهو إيجاد معلومات عن الطائرات التي تحوم فوقك في الحال، ورقم الطائرة، ووجهتها.

ومع المميزات العديدة لتقنية سيري هناك العديد من الثغرات الأمنية التي عثر عليها الخبراء الأمنيون المختصون بالتكنولوجيا، ولم تستجب إليها شركة أبل، وذكرت أن التقنية تتيح الوصول إلى الصور وقوائم الاتصال، حتى لو كان الهاتف محميًّا بكلمة مرور، فيمكن للقرصنة استغلال تلك الثغرات بطرح سؤال: من أنا؟، وسيحصلون على اسم صاحب الهاتف ورقمه، ولدى حصولهم على المعلومات لا يبقى أمامهم سوى الاتصال بالهاتف، والضغط على رمز الرسائل، حيث يختارون ميزة الرد الآلي على المكالمات الواردة، ويمكن للمخترق أن يطلب من "سيري" خدمة "VoiceOver"، والعودة إلى شاشة الرسائل النصية، ثم الضغط المزدوج على الشريط الذي يظهر في مكان عرض قوائم الاتصال، ثم النقر فورًا على لوحة المفاتيح، بعد ذلك يمكن النقر على إضافة صور للوصول إلى المجموعة الكاملة من الصور وقوائم الاتصال الخاصة بالمستخدم، وهنا تكمن خطورة الثغرة، خاصة لو امتلك المستخدم صورًا خاصة في هاتفه, ويمكن للقرصنة استغلال تلك الثغرة فقط عندما تفعل خدمة الأوامر الصوتية "سيري" عندما يكون الهاتف مقفلًا، لذا يمكنك ببساطة ضبط الخيارات، بأن يعمل المساعد الصوتي فقط عندما لا يكون الهاتف مقفلًا.

ها نحن اليوم أصبحنا نعيش عصر التكنولوجيا التي اتسمت بأنها "سيف ذو حدين"، فما القادم بعد "سيري" ليعلمنا بأن التطور مطلوب والحذر مرغوب؟