في المقال السابق ذكرت كيف أن الانتخابات هي العقبة الكأداء أمام إنجاز المصالحة، لأن فصائل منظمة التحرير تخشى على نفسها خسارة تفوق ما خسرته عام 2006، إضافة إلى ذلك هناك خطر إعادة تأهيل منظمة التحرير وانتخاب مجلس وطني جديد، وهذا يعني خسارة فصائل منظمة التحرير لآخر معقل يجمعها ويعطيها المجال للتحدث باسم الشعب الفلسطيني.
بعض فصائل المنظمة تريد أن تكون أي انتخابات قادمة على أساس التمثيل النسبي الكامل بدلا من الجزئي كما كانت الانتخابات السابقة، لان التمثيل النسبي يضمن لها مجتمعة حضورا رمزياقد لا يتعدى 10%في المجلس التشريعي وكذلك في المؤسسات الأخرى، ولو حصلت انتخابات بدون التمثيل النسبي ستختفي جميع الفصائل ما عدا فتح وحماس إلا إن حصلت معجزة هنا أو هناك ونجحت بعض الشخصيات المستقلة او المحسوبة على التيارات الأخرى في الوصول إلى مقاعد التشريعي.
دون تخطي هذه العقبة وتبديد مخاوف فصائل منظمة التحرير لن تكون هناك انتخابات لأن العملية بالنسبة لهم ستكون أشبه بالانتحار الجماعي، ولذلك لا بد من تخطّيها حتى لو كان ثمن ذلك حرمان الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في الانتخابات واختيار ممثليه، وخاصة انها لم تجلب له سوى الانقسام والاقتتال والمعاناة في الضفة وغزة. نحن رغم نجاحنا في إجراء انتخابات نزيهة وشفافة الا ان نتائجها لم تحترم ولا اعتقد أنها ستحترم مستقبلا، ثم إن شعبا يرزح تحت الاحتلال لا تلزمه انتخابات بقدر ما تلزمه وحدة الصف والتفرغ لمواجهة الاحتلال وجرائمه.
المخرج يكون بالتوافق _دون انتخابات_ على حجم تمثيل كل فصيل في المجلس الوطني القادم، بحيث تتساوى مقاعد حماس مع مقاعد فتح ويعطى اليسار الفلسطيني ضعف ما حصل عليه في المجلس التشريعي حتى لا يشعر بالظلم، وتعطي فصائل مثل الجهاد الإسلامي ومستقلين معارضين لاتفاقية أوسلو مقاعد بحجم مقاعد اليسار الفلسطيني حتى يكون المجلس متوازنا وليس حكرا لطرف دون طرف، على ان يعمل الجميع لصالح القضية الفلسطينية، وان تعرض القضايا الخلافية على الشارع الفلسطيني حتى يبت فيها مثل المفاوضات والعلاقات مع المحتل الإسرائيلي وغيرها، أما الهيئات المحلية فتخضع لانتخابات طبيعية، وأما المجلس التشريعي فليس هناك حاجة له، ويكفينا مجلس توافقي واحد بعدد معقول من الاعضاء دون ارهاق شعبنا بملايين شهرية أخرى دون فائدة، على ان يتم العمل على هذه الاساس حتى ننضج وتكون لدينا القدرة على استيعاب الديمقراطية واحتمال نتائجها.