يظن بعضٌ أنَّ التواضع والزهد في الدنيا بلبس ثياب رثة وعدم الاهتمام بالمظهر الخارجي، وهذا بعيد كل البعد عن آداب الإسلام، ومخالف لنصوص القرآن الكريم والسنة المُطهرة، فقد قال الله (تعالى): {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}، وقال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): "أصلحوا رحالكم، وحسِّنوا لباسكم حتى تكونوا كأنكم شامة بين الناس".
فما الذي يمنع أن تكون ثيابك حسنة، ونعلك حسن، وبيتك نظيف مرتب، وسيارتك نظيفة من الداخل والخارج؟
ربما يقول بعضٌ: وهل كل الناس أغنياء ليهتموا بمظهرهم؟ والجواب: ليس المقصود بتحسين اللباس أن يكون غالي الثمن، ولكن المطلوب هو النظافة والترتيب، وكلٌ ينفق من سعته بلا إسراف ولا تبذير.
وقد يحسب بعضٌ ذلك من الكِبر، وهذا غير صحيح، فعندما قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): "لا يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"، قال رجل: "إنَّ الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا، ونعله حسنًا، قال عليه الصلاة والسلام: "إنَّ الله جميلٌ يحبُ الجمال"، ثم قال: "الكِبر بطر الحق (يعني: رده وإنكاره) وغمط الناس (يعني: ازدراؤهم واحتقارهم)".
أما عن آداب اللباس فهي:
* بدء اللباس بالتسمية، فقد كان رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يبدأ بها في كل أعماله، وقال: "كلُّ عمل لا يبدأ بـ(بسم الله الرحمن الرحيم) فهو أبتر" (يعني مقطوع، ناقص).
* بدء اللباس باليمين ونزعه بالشمال، قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): "إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين، وإذا نزع فليبدأ بالشمال".
* حمد الله (تعالى) عند كل لباس، فقد كان رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) إذا لبس ثوبه أو قميصه يقول: "الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة"، وإذا لبس ثوبًا جديدًا يقول: "اللهمَّ لك الحمد أنت كسوتنيه، أسألك من خيره وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شره وشر ما صُنع له".
أما الثياب المحرم لبسها: فهي لباس الشهرة الشاذة عن لباس الناس المعتاد بقصد التمييز والترفع، وتشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، وإسبال الثوب خيلاء، ولبس الحرير والديباج للرجال والجلوس عليها.
أيها الأحباب: إنَّ الله (تعالى) أحق أن يُتجمل له، فلنحرص على ارتياد المساجد بملابس نظيفة وجميلة في كل الصلوات وبشكل متميز في صلاة الجمعة، قال الله (تعالى): {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}.