ما زال الشعب الفلسطيني يعيش تداعيات الانتخابات التشريعية عام 2006، حيث شاركت فيها غالبية الفصائل الفلسطينية والتي تمثل أكثر من 85% من الشعب الفلسطيني. تلك الانتخابات حددت حجم كل فصيل على أرض الواقع، فتصدرت حركة حماس وحصلت على غالبية المقاعد في المجلس التشريعي، واتضح أن جمهور فصائل منظمة التحرير مجتمعة أقل من جمهور حماس، ومن حينها لم تعد مقولة "منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني" كما كانت قبل الانتخابات التي أظهرت حقيقة مغايرة تماما.
بعد الانتخابات حدث الانقسام ومن حينه لم تحدث انتخابات تشريعية، وكذلك لم تحدث انتخابات نقابية أو جامعية أو هيئات محلية بمشاركة واسعة سواء في الضفة أو في قطاع غزة، وعلى سبيل المثال فقد هبطت نسبة المشاركة في انتخابات الجامعات في الضفة الغربية إلى نسب متدنية جدا وصلت أحيانا إلى 30% أو أقل أما النقابات والاتحادات فوضعها أكثر سوءًا حيث قد تهبط نسبة المشاركة أحيانًا إلى أقل من 10%، بغض النظر عن النتائج وفوز طرف إلى آخر أو اكتساح طرف واحتفال آخر فضلًا عن الفوز بالتزكية والتوافق في كثير من المواقع المهمة، فالمعركة كلها دون المستوى المطلوب ولا تعكس التمثيل الحقيقي للمشاركين أو المقاطعين للانتخابات.
مضت 12 عاما على الانتخابات التشريعية وجرت مياه كثيرة في النهر، وأعتقد أن مخاوف تكرار نتائج 2006 ما زالت تضلل منظمة التحرير وخاصة أنها لم تحقق أي إنجاز يذكر في برنامجها السياسي، إلى جانب إخفاق الحكومات المتعاقبة في إنعاش الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية، ثم لم تعد العلاقات بين فصائل المنظمة كما كانت سابقا، وكذلك فإن أكبر فصيل في منظمة التحرير تعرض إلى هزات عنيفة وصلت حد الانقسام إن لم نقل "انشقاق"، وفي المقابل استطاعت حركة حماس أن تحافظ على قوتها كمقاومة وأثبتت خلال الفترة الماضية أنها لم تتنازل عن برنامجها والميدان يشهد إن هي نجحت أو أخفقت في ذلك، ولذلك أرى أن حماس أكثر استعدادا لتحدي صناديق الاقتراع من فصائل منظمة التحرير، وبالتالي أكثر استعدادا لإنفاذ اتفاقات المصالحة، وإلا فما المانع من الإعلان عن موعد لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني؟