أعادت الأحكام القضائية في الساعات الأخيرة في غزة تسليط الضوء مجددا على التأثيرات السلبية والنتائج الكارثية للعملاء والجواسيس على المجتمع الفلسطيني، وهي مناسبة لإعادة الحديث عن خطورتهم على مجتمعنا الفلسطيني، وأهميتهم لمشغليهم في المخابرات الإسرائيلية.
تستشهد هذه السطور بجملة من الإفادات لكبار ضباط الأمن الإسرائيلي في إظهار خطورة هذه الآفة:
أ- "مناحيم لانداو" أحد كبار ضباط جهاز الأمن الإسرائيلي العام "الشاباك" أشاد بالعملاء قائلاً: "بدونهم لا يمكننا أن ننجز شيئاً في حربنا ضد الجماعات المسلحة، فمساهمتهم كبيرة جداً، وليس بإمكاننا -ولو للحظة- أن نستغني عن الخدمات التي يقدمونها لنا".
ب- "شلومو غازيت" الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية أشار إلى "استغلال إسرائيل كلَّ مناحي الحياة في الضفة الغربية وقطاع غزة، ما ساهم في ابتزاز الفلسطينيين، وإجبارهم على التعامل معها".
ت- "يوحنا تورجمان" أحد قادة المخابرات الإسرائيلية أكد أن "أهمية العملاء تكمن بتوفير معلومات حيوية، وإسقاطهم يساهم في المس بمعنويات الفلسطينيين، ويبرز سطوة إسرائيل، وقدرتها على التغلغل بينهم".
هذه الشهادات تظهر أهمية المهام وخطورة التكليفات التي يقوم بها العملاء لخدمة إسرائيل، يمكن إيجازها في النقاط الآتية:
1- تسهيل حسم المواجهة على الجيش الإسرائيلي بأقل عدد من الخسائر في جانبه.
2- قدرة المعلومات الاستخبارية على تحديد الجهات التي تستحق العمل العسكري.
3- المساهمة بتحديد الظرف الأفضل لإنجاح العمليات العسكرية للجيش.
4- جمع المعلومات الاستخبارية التي يسهل تحليلها، وتفسيرها بأقل درجة من الخطأ، رغم التطور التقني.
لا تقتصر أهداف المخابرات الإسرائيلية بتجنيد العملاء على أنهم وسيلة لجمع المعلومات فقط، لكنهم "غاية وهدف"، على قاعدة "إسقاط من يمكن إسقاطه", فمن تفشل بتجنيده، تنجح بتحييده عن الصراع, وتضمن عدم مشاركته بمقاومة الاحتلال، لذلك فإن محيط عملها يتسع ليشمل دائرة واسعة جداً من المستهدفين لتجنيدهم كعملاء.
لا يختلف اثنان على مسئولية العملاء عن بعض مظاهر الفساد الاجتماعي بين الفلسطينيين عبر عمليات الإسقاط، والمساهمة بشكل كثيف بنشر الرذيلة والمخدرات، ونشر الشائعات بهدف تحطيم وحدة الفلسطينيين، ليتحول إلى مجتمع متفسخ منكب على شهواته، مهزوم في داخله، عبر زرع بذور الفتنة والشقاق داخل صفوفه.
إن مراجعة تاريخية لظاهرة العمالة، وانخراط بعض الفلسطينيين في المخابرات الإسرائيلية، تكشف عن آثار غاية في الخطورة داخل المجتمع الفلسطيني، ورغم ذلك، فقد بدأنا هذه السطور بإفادات أمنية إسرائيلية تكشف خطورة العملاء، وضرورة محاربتهم، ونختمها باعتراف للرئيس السابق لجهاز الشاباك "كارمي غيلون" حين أقر بأن "المقاومة الفلسطينية بلغت من القوة والتجذر والاتساع إلى الحد الذي لم تعد معه قدرة إسرائيل على تجنيد العملاء عاملاً حاسماً في محاصرتها، وإحباط مخططاتها".