فلسطين أون لاين

​رباب مقاط بطلة منتخب فلسطين لألعاب القوى رغم الإعاقة

...
صورة أرشيفية
غزة/ صفاء عاشور:

رباب مقاط لاعبة في نادي الفارسات، وبطلة منتخب فلسطين لألعاب القوى، وبطلة سباق ماراثون على الكراسي، وهي تمارس ألعاب: كرة السلة، و"الكاراتيه"، وكرة المضرب (التنس)، ومبتدئة في لعب كرة الطائرة، إنجازات عديدة لفتاة لم تتجاوز من عمرها الخامسة والعشرين، وتعاني إعاقة حركية منذ الولادة.

تجلس معها وتشعر ببعض الخجل عندما تسرد عليك البطولات التي ربحتها وحققتها على مدار السنوات الخمس، منذ بدأت ممارسة الرياضة حتى الآن، ولكن رباب الآن ليست كما كانت في الماضي.

فرباب عانت ككثير من مثيلاتها من ذوي الإعاقة اضطهاد المجتمع لهن، خاصة أنها فتاة، فيرى كثيرون أنه لا يحق لها ما يحق لغيرها، لكنها تمردت على تلك النظرة، واستطاعت بناء مستقبل لها، رغم ما عانته من إعاقة، ونظرة مجتمع سلبية قد تصل إلى حد التنمر والاضطهاد.

أخرجناها من تدريبها الأسبوعي الخاص بكرة السلة، وطلبنا منها بضع دقائق للحديث إليها، فكانت الابتسامة التي تدل على موافقتها لا تغادر وجهها، وجدنا فيها الفتاة الواثقة في نفسها، صاحبة البطولات والقدرات التي ربما الأصحاء لا يملكونها.

بدأت حديثها إلينا مرجعة الفضل فيما هي عليه إلى والدتها التي كانت على تعليمها البسيط تدرك جيدًا احتياجات ابنتها، فكانت الداعم الأول والأساسي لها، والمشجع الرئيس في جميع مراحل حياتها.

كان الاهتمام بها في الجانب التعليمي يقتصر على المرحلة الابتدائية، حيث ذهبت إلى مدرسة خاصة بحالتها، لكن المنظومة التعليمية وجدت أنه من الضروري لتلك الفئة التي تنضم إليها رباب أن تندمج في باقي فئات المجتمع وتختلط معها.

كانت هي على استعداد لقبول ذلك، ولكن الطرف الآخر لم يتعلم بعد كيف يتعامل معها، فكانت الإهانة والاستهزاء بحالتها هما سيدي المواقف كلها، وعدم مواءمة طبيعة المدرسة التي توجهت للدراسة فيها لحالتها كان يزيد من صعوبة التأقلم.

وأصبحت المرحلتان الإعدادية والثانوية من أصعب المراحل التي مرت بها رباب، فالأيام لم تمر عليها سهلة أو بسيطة، وكيف تمر كذلك وهي ترى نفسها مختلفة عن جميع من حولها؟!، وعند ذهابها إلى المدرسة لم يكن هناك فتيات من ذوي الإعاقة إلا هي وفتاة أخرى، تجد الجميع ينظر إليهما باستغراب.

كيف تمر بسيطة وهي تجد استهزاء من قمة الهرم في المدرسة المديرة التي لم توفر لها أدنى احتياجاتها الضرورية إلى أدناه التلميذات، مرورًا بالمدرسات اللواتي رغم الإساءات التي وجدتها منهن كانت ستسامحهن، لو أنهن اعتذرن إليها بأقل شيء.

كلمة "آسف" كانت تتمنى رباب وتحتاج أن تسمعها ممن يسيء إليها، لكنها لم تجد من يتفوه بها أو يعترف بخطئه في الإساءة إليها، فتعلمت بعدها الاستغناء عنها، ومواجهة كل ذلك بالتعلم وتحقيق الذات، بعيدًا عن البحث عن الشفقة في عيون من حولها.

وانتهت رباب من المرحلة الثانوية لتنطلق بعدها لتدريب نفسها، فانضمت إلى مشروع "إرادة"، وحصلت على دورة في الحفر على الخشب، لتعمل بعدها في مشروع مدة عام كامل، ثم انطلقت إلى الجمعيات الخاصة بذوي الإعاقة، وحصلت على الكثير من الدورات التي ساعدتها على المستويين الشخصي والنفسي، وعززت من المواهب والقدرات التي تمتلكها.

"رباب" الآن تمارس العديد من الرياضات، وتحقق المراتب الأولى فيها، وتعيش حياة صحية وفق إمكاناتها الشخصية، إضافة إلى ذلك تعمل على إنتاج بعض الأشغال اليدوية، مثل صنع ماسكة الورود، وتغليف الهدايا، والتطريز، وغيرها من الأعمال، ووجدت نفسها فيما تفعل.