فلسطين أون لاين

​أغنتها عن جرعتين من الدواء

"الضبة": الرياضة أخرجتني من العزلة ومنحتني التميز

...
صورة أرشيفية
غزة/ مريم الشوبكي:

إصابة "ميسرة الضبة" منذ كانت طفلة صغيرة بمرض ارتخاء العضلات جعلها متقوقعة على ذاتها، التلفاز والمذياع كانا صديقيها الوحيدين في هذه الحياة، وخوف أهلها من المجتمع جعلها تغلق نافذة الاختلاط بالناس، ما زاد من مضاعفات مرضها لتصاب بضمور في العضلات، نتيجة عدم الحركة وممارسة أي نشاط رياضي.

مكالمة هاتفية من نادي فارسات فلسطين لذوات الإعاقة يدعوها فيها لتكون عضوًا فيه جعلتها ترى الحياة من منظور آخر، خلعت عباءة العزلة والخوف وانضمت بكل همة إلى الفريق، وأصبحت معه تتقن لعب عدة أنواع من الرياضات، إبداعها أهلها لتحصل على مراكز أولى في بعضها.

خمس ثوانٍ

الضبة ذات الـ(34)عامًا أصبحت لاعبة في فريق النادي منذ ثلاث سنوات، تقول لـ"فلسطين": "عرض النادي عليّ أن أكون عضوًا فيه، والإجابة بنعم لم تستغرق مني خمس ثوان، كوني مللت من ملازمة البيت بسبب مرضي بارتخاء العضلات".

وتضيف: "الانتماء إلى فريق رياضي وممارسة الرياضة أمل ما زلت متشبثة به، لأنه أخرجني من القوقعة والعزلة التي فرضتها على نفسي، اكتشفت العالم الخارجي واحتككت به، ما زاد من علاقتي وأعاد لي ثقتي بنفسي، واكتشفت أيضًا مواهب مدفونة، لم أكن يومًا لأعرفها وأنا في البيت".

وتتابع: "لم تقتصر ممارستي الرياضة على كرة السلة فقط، بل ألعب "الكاراتيه" على كرسي متحرك و"تنس" الطاولة، والعدو أيضًا، وكرة السلة، وشاركت في مسابقات على مستوى أندية قطاع غزة".

إلهام للمريضات

وتعاني الضبة من مرض ارتخاء العضلات ومرض حساسية القمح، ونجم عنهما انخفاض وزنها انخفاضًا ملحوظًا، وهذا أدى إلى حدوث ضمور في عضلاتها فاقم من مشاكلها الصحية.

ولكن الرياضة قلبت حياتها، تروي: "ممارستي عدة رياضات قوت عضلات جسمي، وخفت آلامي قليلًا، وكنت أتناول الدواء ثلاث مرات يوميًّا، أصبحت بفعل الرياضة أتناوله مرة فقط، فالطبيبة تفاجأت بتحسن حالتي الصحية بهذه السرعة، ودعمتني لمواصلة لعب الرياضة، وأصبحت تروي قصتي لتكون إلهامًا للمريضات الأخريات".

بسبب ضعف الإمكانات، وعدم وجود صالات رياضية مخصصة لذوي الإعاقة، اقتصر تدريب فريق نادي فارسات فلسطين على مرة واحدة أسبوعيًّا، وتشكو الضبة عدم وجود دعم مادي للاعبات، وتوفير مكان خاص بهن للتدريب ثلاث مرات أسبوعيًّا، على الأقل، لتطوير مهاراتهن باستمرار.

وتشير إلى أنها تنتظر يوم التدريب لحظة بلحظة، لأنه أصبح متنفسها لتفريغ طاقتها، وتبدد خوف أهلها إذ أصبحوا هم من يدفعونها نحو الذهاب إلى التمارين الأسبوعية، وشعرت بأنها استطاعت أن تحقق إنجازًا في حياتها في لعب أنواع شتى من الرياضات.

وتبين الضبة أنها قبل أن تتخذ خطوة عضويتها في فريق فارسات فلسطين كان يغالبها شعور بأنها مدفونة في هذه الدنيا، وأن هناك شيئًا ينقصها طوال سنوات عمرها الماضية، لكن الرياضة قلبت حياتها وجعلتها مقبلة على الحياة أكثر.

وتؤكد أن مشاركة ذوات الإعاقة في المنافسات الرياضية جعل لهن كلمة في المجتمع، وبات لهن تأثير مثلهن مثل النساء السويات.

والرياضات النسائية لذوات الإعاقة حديثة المنشأ في قطاع غزة، لذا تعاني نقصًا في الإمكانات، وضعفًا في الدعم المادي، فضلًا عن الإهمال في تدريب النساء ذوات الإعاقة وصقل مهاراتهن.