لليوم الثالث تواليًا، لا يزال الآلاف من المواطنين والعمال وموظفي القطاع الخاص يعتصمون على دوار المنارة بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة؛ احتجاجًا على تطبيق حكومة الحمد الله قانون الضمان الاجتماعي، وللمطالبة بإلغائه وتعليق العمل فيه.
وأدى المعتصمون في اليوم الأول للاعتصام، أول من أمس، صلاة الغائب على الشهداء والعمال، مؤكدين رفضهم لصيغة القانون التي تحرمهم من أموال الضمان لأنهم "توفوا وفاة غير طبيعية"، في حين أقاموا صلاة الجمعة أمس مكان اعتصامهم، وسط مشاركة واسعة لأسر بأكملها من آباء وأمهات وأطفال.
وهتف المشاركون بشعارات رافضة للقانون، ومنها "الشعب يريد إسقاط الضمان"، و"يا أبو شهلا يا وزير.. شكلك ما بتفهم تاريخ.. احنا اللي ركعنا الجيش"، و"من رام الله أعلناها.. ثورة ثورة واحنا رجالها"، و"اسمع يا أبو شهلا اسمع.. ارجع للتاريخ ارجع.. واحنا شعب فلسطين لغير الله ما بنركع".
في حين ستكون فعاليات اليوم الثالث مركزيةً، اليوم، بحضورٍ من جميع المؤسسات والمدارس والمشاركين في هذا الاعتصام، وعمال الداخل المحتل عام 1948.
قطع الكهرباء
وردًّا على الاعتصام والمشاركة الحاشدة فيه، قطعت شركة الكهرباء التيار الكهربائي عن حي المنارة، مكان الاعتصام المفتوح، في حين أشعل المشاركون أضواء وكشافات هواتفهم المحمولة، رفضًا لهذه السياسة.
وتعقيبًا على هذا السلوك، قال الناشط الحقوقي عصام عابدين: "لا يعقل هذا الحال البائس، يقطعون الكهرباء عن الناس، أليس هناك مسؤول عاقل في هذا البلد؟، احترموا الناس، الناس حرة".
وأضاف عابدين في منشور له على "فيسبوك": "من حق الناس التعبير عن رأيها بحرية في الضمان وغير الضمان وتمارس حقوقها، وبدل هدي الحركات المشينة تجاه الناس، وما يستحقونه من احترام واجب، اجلسوا معهم واسمعوهم واسألوا حالكم عن سبب غياب الثقة والاغتراب بينكم وبين الناس، يا عيب الشوم!".
أما المحامي مهند كراجة علق على نفس السلوك مستنكرًا إياه بالقول: "قطعتم الكهرباء، قطعتم الحرية، قطعتم المقاومة، قطعتم عهد على حالكم تهجرونا من البلد، قطعتم ايديكم وشحدتوا عليها"، خاتمًا حديثه بـ"#الشعب_أصل_الحكم".
مشاركون غاضبون!
ورصدت صحيفة "فلسطين" عددًا من آراء المواطنين المشاركين في الاعتصام والرافضين للقانون، إذ كتب المواطن معتز راسم: "تعديل القانون بتخفيض النسبة يعني؟، بدل ما نسرق منكم عشرة مليارات، بنسرق ثمانية؟، كله من جيبتنا يا أولاد الـ......".
في حين قال المواطن محمد معالي: "هذا الشعب في أسوأ حالاته لم يسقط، فكيف إذا قرر إسقاط الضمان، شعب واحد وهدفه واحد #لا_للضمان_التجويعي". أما بدر التوار علق قائلًا: "والله لن يهزم هذا الشعب، عندما ينام أطفالنا في شوارع رام الله، والوزراء والمسؤولون في فراشهم، لن يدوم الظلم".
ثائر فارس علق ساخرًا على صورة مشاركة رئيس السلطة محمود عباس ورئيس حكومته رامي الحمد الله في حفل زفاف، تزامنًا مع اعتصام الآلاف وسط المنارة: "بعد إذنكم بس تخلصوا إذا فيه مجال تمروا على المنارة، تشوفوا شو القصة هناك لو فيها غلبة، إذا فاضيين للشعب...".
أما أيمن الدحبور علق على قطع الكهرباء بقوله: "قطعتم الكهرباء، صار الوضع أحلى وزاد الزخم"، في حين كتب جميل البغدادي: "قريبًا سنقول شكرًا لمن ساهم بإسقاط الضمان الاجتماعي".
دعوة للحشد
وفي رسالة مرئية وجهها عضو الحراك الفلسطيني الرافض لقانون الضمان الاجتماعي عامر حمدان، أوضح أن فعاليات اليوم الثالث ستكون مركزية، بحضور من جميع المؤسسات والمدارس والمشاركين في هذا الاعتصام وعمال الداخل المحتل، في تمام الساعة الثانية عصر اليوم.
وقال حمدان: "هذه فرصة قوية للجميع لنوصل صوتنا ونعمل كأداة ضغط على الحكومة".
وتصاعدت خلال الأشهر الماضية حدة الاحتجاجات في محافظات الضفة الغربية المحتلة، من المؤسسات الأهلية والمجتمعية والحقوقية واتحادات العمال والنقابات والشركات والمؤسسات الخاصة ضد تنفيذ القانون.
والضمان الاجتماعي، يمنح الموظفين المتقاعدين بعد سن 60 عامًا في القطاع الخاص، راتبًا شهريا محددا وفق عدد سنوات العمل، وعدد الاقتطاعات الشهرية من الموظف قبل التقاعد، وقيمة الراتب الشهري.
وينص القانون على اقتطاع 7.2 بالمائة من مجمل راتب الموظف في القطاع الخاص شهريا، و10.9 بالمائة من رب العمل، كما ينص على أن سن التقاعد للرجال والنساء 60 عامًا.
ومن أبرز بنود القانون غير الواضحة والخلافية التي بحاجة لتعديل، تتمثل في حرمان الزوجة من راتب زوجها التقاعدي بعد وفاته، وفي حال حصلت على وظيفة، على خلاف الرجل الذي يرث راتب زوجته.
ويضاف إلى ذلك، آلية احتساب الراتب التقاعدي، إذ يسمح للعامل الاستفادة منه بعد بلوغه سن الـ60، ويحرم من سحبه واستثماره قبل ذلك، عدا عن أن اللوائح التنظيمية المقرة بالقانون غير معلنة، كما لم تُشكل محكمة للبت بقضايا الضمان الاجتماعي.