هددت واشنطن بأنه لن يكون للأمم المتحدة أي دور في مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين “إذا لم تبادر الجمعية العامة الأممية باعتماد مشروع قرار أمريكي بإدانة حركة حماس، إلى جانب الجماعات المسلحة الأخرى”.
الدفاع عن النفس والعرض والممتلكات والحقوق مسألة فطرية جُبل عليها الإنسان السوي الذي لم تتلطخ عقيدته ولا فكره ولا نفسه. مسألة فطرية قبل أن تكون من الحقوق التي تقرها الشرائع الأرضية. ولذلك فإن واشنطن تريد إجبار العالم على مخالفة أبسط القواعد الإنسانية ببلطجيتها وعربدتها، ولذلك لجأت إلى التهديد بالحرمان من المشاركة في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية علنا، وما خفي كان أعظم، حيث إن البلطجة التي تمارسها واشنطن بالخفاء أشد وأنكى مما تمارسه في العلن، وقد تخشى بعض الدول حرمانها من مساعدات أمريكية أو مساعدات غير أمريكية ولكنها تحتاج إلى ضوء أخضر أمريكي، ولذلك قد يذعن الكثير من الدول الفقيرة لتهديدات واشنطن.
ولكن المضحك في الأمر هو استمرار الحديث عن "عملية السلام " ذاتها، فما الذي تبقى من اتفاقية أوسلو سوى المفاوضات المتعثرة؟ وهذا ليس رأيَ رافضي عملية التسوية وإنما أصبح رأي الطرف الفلسطيني الموقع على اتفاقية أوسلو الذي لم يعد يؤمن بنزاهة الراعي الأمريكي لعملية السلام وأعلن رفضه أكثر من مرة تفردَ الولايات المتحدة برعاية عملية التسوية، بل وعدت منظمة التحرير أن أمريكا منحازة كليا إلى الطرف الإسرائيلي.
الطرف القوي لا يأبه بما تقرره الجمعية العامة للأمم المتحدة، ودليل ذلك مئات القرارات التي اتخذتها لصالح الطرف الفلسطيني ولم ينفَّذ منها شيء، ولذلك نحن لا نراهن على القرارات الدولية، وإنما نراهن على وعي شعبنا ومقاومته وتمسكهم بالحقوق، وفي هذا الإطار ندعو منظمة التحرير الفلسطينية إلى التوقف عن تحقيق انتصارات وهمية في الأمم المتحدة، وأن تحاول تحقيق انتصارات داخلية بتوحيد الصف الداخلي وإتمام المصالحة واللجوء إلى صناديق الاقتراع لحسم الخلافات الداخلية إذا عز ذلك من خلال التوافق الفصائلي، وخاصة بعد أن ثبت بالوجه القطعي أن اتفاقية أوسلو مضيعة للوقت ومضيعة للحقوق ولمصالح شعبنا، وبعد أن ثبت أن راعي السلام أصبح يقود قطيع الذئاب الصهيونية، وثبت أيضا أن المتدثر ببعض الأنظمة العربية عريان، وها نحن نراهم يهرولون تجاه العدو بغية التطبيع معه، ولحقت بالثور الحظيرة، حسب الشاعر أحمد مطر.