مضى على تولي بنيامين نتنياهو حقيبةَ الحرب عشرة أيام، في فترة أمنية عصيبة، وصفها بأنها تشهد تهديداً جدياً يخيّم على (إسرائيل)، ولم يتّضح بعد كيف سيدير هذه الوزارة الأخطر في الكيان، وسط جنرالات مخضرمين، عاشوا حياتهم داخل الدبابات وناقلات الجند، لم يلبسوا يوما ربطة عنق، ولا يعرفون اللغة الدبلوماسية التي يتقنها وزيرهم الجديد!
مراجعة السيرة الذاتية لنتنياهو، تكشف أنه تقلد العديد من المناصب الحكومية، ففضلا عن عضويته الطويلة في الكنيست منذ 1988، فقد حظي بموقع رئيس الحكومة لأربع ولايات اقتربت من أربعة عشر عاما، تجعله يكسر الرقم القياسي في البقاء على هذا المقعد، ويسمي نفسه "ملك ملوك إسرائيل".
كما تنقل منذ 1997 بين وزارات: المالية، الخارجية، الصحة، الاتصالات، بجانب تزعمه المعارضة، لكنها مواقع، رغم كثرتها، لم تقترب من الملفين الأكثر حساسية بإسرائيل: الأمن، والجيش، رغم أن رئيس الحكومة هو القائد العام للقوات المسلحة، دون انخراط بالتفاصيل العملياتية.
منذ أن تولى نتنياهو حقيبة الحرب، بات مفروضا عليه خوض غمارها في هذه الحقبة الحرجة، ولئن كان بإمكانه سابقاً أن يلقي بالمسئولية عن أي إخفاق عسكري على وزير الحرب ورئيس الأركان، فقد دفعته الظروف لأن يكون المسئول الأول والأخير عن أي عملية يقوم بها الجيش، أو لم يقم بها!
كان لافتا أن تشهد الساعات الأخيرة الإعلان عن لقاءات غير مسبوقة عقدها نتنياهو مع أقطاب المؤسسة العسكرية، وهي جديرة بالتأمل والتفكر في أسبابها، وماذا ناقش القوم في هذا "الاستدعاء اللافت"!
شملت لقاءات نتنياهو عددا من وزراء حرب ورؤساء أركان سابقين، أهمهم: بيني غانتس قائد عدوان غزة 2014، وعمير بيرتس قائد حرب لبنان 2006, وموشيه آرنس الليكودي المخضرم، أحد وزراء الحرب الأكثر خبرة في تاريخ (إسرائيل)، ثم سيجتمع مع شاؤول موفاز قائد عملية السور الواقي بالضفة الغربية 2002، وغابي أشكنازي قائد حرب غزة الأولى 2008، وكان لافتا ألا يلتقي نتنياهو بغريميه اللدودين: إيهود باراك وموشيه يعلون.
لا أحد يعلم ما ناقشه نتنياهو مع الجنرالات، وإن كان التقدير يمنحنا الإشارة لاحتمالات عدة:
- الاستفادة من خبراتهم العسكرية، وترسيخ عرف جديد يتمثل بعدم طي صفحة الجنرالات السابقين، فور أن يخلعوا بزاتهم العسكرية.
- التشاور معهم فيما يتردد داخل (إسرائيل) حول مخاطر جدية، تقتضي التعامل معها عاجلا وليس آجلا.
- احتواء منافسة مستقبلية منهم بالانتخابات المقبلة، وسط تداعي الأحزاب لاستقطاب عدد منهم لصفوفها.
أياً كان السبب الحقيقي لهذه الاستدعاءات المفاجئة، فإنها تتطلب من دوائر صنع القرار المحيطة بـ(إسرائيل) أخذها بجدية وانتباه، لا سيما إن أخذنا بعين الاعتبار أن شخصية نتنياهو المعتد بنفسه تتجاوز مسألة الاستفادة من خبراتهم إلى إمكانية مشاورتهم بأمر ما، والحصول على غطاء معنوي منهم، إن قرر اتخاذ خطوة عسكرية في أي اتجاه!