هدوء يشوبه الحذر، نعم هي حرب بلا هوادة، لا يوجد بها صواريخ ولا شهداء، هي حرب تحتاج لنفس طويل، بل تعتمد على ربط كل معلومة بالأخرى لتصل لتشخيص الحدث، لذلك تحتاج لتكتيكات ووضع إستراتيجيات للتحكم بالأعصاب، هي حرب العقول والأدمغة، فمنذ الحدث الأمني في شرق خانيونس 11/11/2018م، وكتائب القسام تسيطر على الموقف، بل وبرعت في لطم العدو الصهيوني على وجهه، بنشر صور كاملة الوضوح لفرقة الضباط الذين دخلوا غزة ليتجسسوا على المقاومة وكوادرها، فبنشرها للصور ربحت القسام الجولة الأولى من تلك الحرب التي أرادها العدو الماكر أن يضرب منظومة الاتصالات بغزة.
الجيش الصهيوني جيش متطور فهو يقاتل وفق منظومة سيطرة عالية فهو يمتلك منظومة اتصالات متطورة ويستطيع من خلالها قيادة قواته وتوجيهها نحو تحقيق الأهداف بمرونة عالية فهو جيش تكنولوجي بامتياز.
في المقابل كتائب القسام تمكنت خلال أعوام قليلة من امتلاك شبكات اتصال سلكية ولاسلكية آمنة وعالية الجودة وهذا ما أزعج العدو الصهيوني لفقده عنصر مهم في المعركة وهي معرفة تحركات المقاومة من خلال التنصت على اتصالاتها مما جعله يسعى بكل قواته الاستخبارية لاختراق تلك الشبكات، فوضعته القسام في ورطة وكأنه وقع في الفخ بكشف القوة المتسللة لخانيونس.
فالحرب بين جيشين متكافئين تحتاج لتخطيط ومهارة عاليين فما بالكم بجيش يعدّ من الجيوش الأولى في العالم جيش العدو، وكتائب القسام وكتائب المقاومة بجانبها والتي تفتقر لمقومات الجيوش النظامية بحصولها على المال بشكل شهري، ففي ظني أن الكتائب نجحت في إدارة حرب العقول وحرب الاستخبارات اليوم بجدارة، اليوم تطورت الحرب فلم تعد تقتصر على القتال ضمن أسلوب القتال المسلح بين كتائب القسام والجيش الصهيوني، فإلى جانب نجاح القسام في الحروب على غزة التي خاضتها دولة الاحتلال تخوض اليوم معارك غير واضحة للعيان حرب خفية، فالحرب الخفية حرب عقول حرب أدمغة لا ينفع فيها السلاح، فهي حرب تخوضها كتائب القسام ضد الجيش الصهيوني وتتضح ملامحها يوماً بعد يوم. فلم يعد يخفى على أحد شدة وضراوة تلك الحرب ومستوى تكلفتها العالية، لأن العدو يمتلك الكثير من الأدوات التي تمكنه من خوض تلك الحروب وكسب بعض جولاتها معتمداً على منظومته الاستخبارية وقدراته التكنولوجية العالية، ولكن كتائب القسام في كل يوم تحبط تلك العمليات الاستخبارية التي تنفذها أجهزة العدو بغزة.
فكشف القسام للقوة الاستخباراتية بخانيونس تعتبر مصيبة وقعت على رأس ليبرمان ونتنياهو معاً، بل على رأس الجيش الذي لا يقهر، فكتائب القسام بذكائها وبجهد عناصر الأمن الذين يواصلون الليل بالنهار من أجل كشف خيوط المخطط الأمني الصهيوني ضد غزة ستفاجئ الجميع الشعب الفلسطيني وقطيع المستوطنين في دولة الاحتلال و المجتمع الدولي ببراعتها الاستخباراتية.
إذاً فالحرب بين كتائب القسام والعدو الصهيوني لم تعد تقتصر على الرصاص والصواريخ بين القوتين بل وصل إلى مستوى أعلى وهو حرب الأدمغة الاستخباراتي، وأن كتائب القسام أصبحت تمتلك العديد من القدرات التكنولوجية العالية التي طورتها من خلال مهندسوها لمواجهة العدو في ميدان التكنولوجيا، بل أصبحت كما أنها تقاتل من نقطة صفر وخلف خطوط العدو تقاتل في تلك الحرب الخفية أيضاً من نقطة صفر بل أصبحت صاحبة المبادرة في العمليات الاستخبارية والهجمات الالكترونية التي كبدت العدو الكثير من الخسائر وحصلت خلالها على الكثير من المعلومات السرية التي أزعجت العدو وضربته في مقتل ضمن عمليات الاعداد والتجهيز لمعركة التحرير التي تعدها كتائب القسام، والأيام القادمة ستكشف عن حجم تلك الحرب التي لا يسمع فيها صوت الرصاص.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسة لماذا نتنياهو صامت ولم يرد عسكرياً لاسترداد قوة الردع لكيانه المهزوم؟
في ظني أن نتنياهو هو من أجبر ليبرمان على الاستقالة من منصب وزير الحرب، لأنه وضع الكيان في ورطة كبيرة، وهي أن القسام حصل على معلومات ومعدات استخباراتية كبيرة، ولا أستبعد أنه قد أسر بعض عناصر الموساد في تلك العملية، فهي مرحلة عض الأصابع، فنتنياهو في وضع لا يحسد عليه فهو وإن كشف القسام عن تفاصيل العملية بالكامل سيضيع مستقبل نتنياهو السياسي للأبد، وكذلك سيخسر الجيش الصهيوني مكانته بين الجيوش الدولية التي تتغنى بالقوة الاستخباراتية.
وبكشف القسام عن التفاصيل الدقيقة وبالصور للقوة الخاصة التي دخلت خانيونس، أيضاً تعد ضربة قوية للشاباك والذي هو أصغر الأجهزة الاستخبارية "الإسرائيلية"، فهو أكثرها حضورًا وتأثيراً في صناعة القرار السياسي والعسكري في" إسرائيل"، فصمت نتنياهو هذا هو للحفاظ على معنوية أفراده والتغطية على فشلهم.
أيضاً صمت نتنياهو وكأنه ينتظر من الجانب المصري الذي يتوسط لإبرام اتفاق التهدئة بين المقاومة والكيان، أن يفاوض المقاومة على عدم نشر معلومات عن العملة مقابل تحقيق مطالب للمقاومة برفع الحصار، فهو يتيح الفرصة للتوصل لاتفاق يحفظ ماء الوجه، وما خروج وفدين من حماس وفد برلماني ووفد للقاهرة وخروج أبو العبد هنية لجولة عربية ودولية غلا خير دليل.
إذن هي معركة بحاجة للكل الغزاوي أن يكون على يقظة تامة من أي تحرك مشبوه على الأرض، فعناصر الأمن بغزة تعتمد بشكل قوي على أي معلومة تعمل على حل اللوغاريتم الاستخباراتي للعدو، فالعدو غادر فليكن كل منا عنصرا بناءً في الحفاظ على المقاومة وأجهزتها، فشعب غزة شعب أصيل تواق للحرية وللعودة فهو يقف بجانب المقاومة الدرع الحامي للجبهة الداخلية الفلسطينية، فلنلتحم جميعاً خلف الأمن أجهزته بغزة لنفشل كل تحركات العدو التي إن حصلت سيتأذى منها الجميع، فالمقاومة لو سقطت بنيتها التحتية سيسقط كل مقومات الشعب، فهي معركة الكل الغزاوي، فلنكن جميعا العين الساهرة على أمن القطاع الحبيب.ا