برعت فضائية الأقصى خاصة والإعلام الفلسطيني الغزي عامة، والسوشيل ميديا في تعرية العدو الصهيوني، وتبيان ضعفه وحماقة جنوده، فتميزت الفضائية بشاشتها المقاومة لغطرسة المحتل، والتي أخذت على عاتقها أن تكون شاشة مساندة للمقاوم في الميدان، فعملت دوما بمصداقية في نشر الأخبار الصادقة للجبهة الداخلية الفلسطينية وجبهة المحتل كذلك، فأصبح المستوطن يثق بما تقوله الأقصى أكثر مما تقوله الفضائية العاشرة الصهيونية، ولا سيما عندما تنقل الفضائية ما تسجله عدسة المقاومة في ترسيخ المعلومة، فلذلك جن جنون العدو الصهيوني، لأنه يعلم مصداقية القسام والإعلام المقاوم، الذي سيفضح زيف الكابينيت ومن يجلس فيه, وأجبر ليبرمان وزير الحرب الصهيوني على الاستقالة رغماً عن أنفه، وعكر صفو الجبهة الداخلية الصهيونية المهترئة، فلهذا أراد أن يسكت صوت الحقيقة؛ فقصف مبنى فضائية الأقصى على مدار الحروب التي شنت على غزة، وكأنهم يريدون إخراس الإعلام الحر المقاوم..
أتساءل أين المجتمع الدولي وما خطه بيمينه من بروتوكولات وقوانين لحماية دور الإعلام والصحفيين؟
هب أن إعلاميا صهيونيا تم قنصه أو إصابته بطريق الخطأ من الفلسطينيين، في اعتقادي أن الدنيا ستقوم ولن تقعد، فرغم كثرة المواثيق والمعاهدات الدولية التي تنص على حماية حقوق الإنسان والسهر على ضمانها٬ ورغم العقوبات التي تفرض على بعض الدول لعدم احترامها حقوق الإنسان٬ ورغم النصوص والمواد التي يحتويها القانون الإنساني الدولي في ظل النزاع المسلح والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي تدعو إلى حماية الصحفيين والإعلاميين في كل البقاع يبقى انتهاك هذه الحقوق قائما على قدم وساق في فلسطين, فقتلت دولة الكيان الصحفيين منذ الانتفاضة الأولى مرورا بالثانية والحروب على غزة ومسيرات العودة الكبرى، الغريب أن من وضعوا تلك القوانين لم يتفوهوا بحرف يدين المحتل بل كانوا صامتين, كأنه يحق لمن هو إسرائيلي أن يفعل ما يشاء وينتهك تلك القوانين فهي لم تشملهم بعد.
فمجلس الأمن بالأمس يفشل في إدانة الكيان الصهيوني، وكأنهم جميعا يبرهنون على ما ذكرت أعلاه، فالقانون الدولي يعد المحطات الإذاعية والتلفزيونية أعيانا ذات طابع مدني وتتمتع بصفتها هذه بحماية عامة، وقد تم التنصيص على عدم مهاجمة الأعيان المدنية في القانون الدولي الإنساني منذ القرن العشرين٬ وأعيد التأكيد عليه في البرتوكول لسنة 1977 وفي النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وينتج عن الالتزام المزدوج الذي نصت عليه المادة 48 من البرتوكول الأول أن تتمتع الأعيان المدنية على غرار السكان المدنيين بحماية عامة حددت أحكامها المادة 52 من البروتوكول الأول، إذن فكل التجهيزات ومرافق الإعلام التي لا تستخدم استخداما عسكريا ولا تنطبق عليها الشروط المنصوص عليها في المادة 52 الفقرة 2 تدخل ضمن الأعيان المدنية التي "لا يجب أن تكون محلا للهجوم أو لهجمات الردع."
وبحسب المادة 52 من البرتوكول الأول السالف الذكر، فإن اتخاذ الدعاية سببا وحيدا لتبرير الهجوم العسكري على وسائل الإعلام أمر غير مقبول، فلا يمكن اعتبار وسائل الإعلام هدفا مشروعا لمجرد أنها تبث دعاية رغم أن هذا النشاط يشكل دعما لجهود الحرب، كما أن منظمة العفو الدولية ترى أنه رغم الاستفادة التي قد تنتج عن خلق الاضطرابات في الدعاية الرسمية التي تساعد في تقويض معنويات السكان وضرب الجبهة الداخلية ولكنها تجد أن ذلك ليس مبررا للهجوم على الأعيان المدنية الذي قد يؤدي إلى توسيع مفهوم المساهمة الفعالة في العمل العسكري بحسب المادة 52 في فقرتها "2".
وبينت اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 والبرتوكول الإضافي لسنة 1977 في حماية الصحفيين ودور الصحافة أنه لا يجوز التعدي عليهم أبداً "إن الأفراد الذين يرتكبون جرائم ضد الصحفيين أثناء النزاعات المسلحة مهما كانت الأسباب فهذه الجرائم تعتبر جرائم حرب لكون الصحفيين أشخاصا مدنيين ، ولا يؤخذ بأي إقرار من الأفراد بكون أوامر قد صدرت لهم من سلطات أعلى لتنفيذ تلك الأفعال الإجرامية لدفع المسؤولية عنهم، حيث أكدت القرارات الدولية على مبدأ المسؤولية الجنائية الفردية لمرتكبي تلك الأفعال".
برأيكم هل العدو الصهيوني يعي هذه الاتفاقيات؟ نعم إنه يعيها ويعلمها ولكن يعلم جيداً أنها لم تصغ له هو بل صيغت للدول العربية فقط، فالقوي غالب فأمريكا فقط هي التي تدير هذا الأمر وتوجهه فقط، والكل ينظر لحال الصحفيين العرب إذا ما أصيب أحدهم أو قتل لا ينظر له القانون الدولي.
أعجبني رد الإعلامي إسلام بدر مذيع في فضائية الأقصى على الضابط الصهيوني وهو يتصل عليه لإخلاء مبنى الفضائية قبل قصفها فقال له " أنتم من تتحملون التبعات الأخلاقية والقانونية"..
فيا أيها الصحفيون أنتم على حق وأنتم كذلك في خطر دائم، لكون هذه الدول لا تحترم هذه النصوص وتتحايل عليها في غالب الأحيان٬ بل تعمل بقانون الطوارئ الذي يساوي بين الإعلامي والصحفي وبين الإرهابي الصهيوني وتبرز أنه على حق يدافع عن نفسه وعن جبهته الداخلية.
فهي معركة الكلمة والصورة, والغلبة لنا ولإعلامنا المقاوم طال الزمن أم قصر، فمن على أنقاض مبنى فضائية لأقصى ومن جوار قبر الشهيد ياسر مرتجى نقول بل هو واجب علينا جميعاً أن نكون دروعا بشرية نحمي بها إعلامنا المقاوم الحر والإعلاميين الغيورين على القضية الفلسطينية، نحن بحاجة ماسة لأن يصبح كل فلسطيني في الوطن وفي الشتات إعلاميا ينقل الصورة الصحيحة عن قضيتنا، لنتغلب على الآلة الإعلامية الصهيونية التي تعمل ليل نها لتشويش الصورة أمام العالم ومن وضع القانون الدولي، وتصور لهم بأن دولة الكيان هي الضحية دوماً ونحن شعب فلسطين المعتدى عليه .
آن الأوان, على غرار غرفة العمليات المشتركة للمقاومة, أن نصنع جسماً إعلاميا موحدًا يشد بعضه بعضا في كل المواقف ونطلق عليه "إعلام التحرير"، بأن يصبح إعلاماً دولياً يخاطب الكل بلغاته لنفضح زيف الصهاينة؟