فلسطين أون لاين

​تحديًا "للبهرجة" الزائدة

"عبد الرحمن وتسنيم" استثمرا تكاليف زفافهما بمشروع خيري

...
غزة/ نسمة حمتو:

"نعلمكم أنه بناءً على رغبة العروسين سيقتصر حفل الزواج على اجتماع أسرة العروسين في المنزل وسيتم التبرع بكل تكاليف الحفل لعمل مشروع خيري مستدام نسأل الله التوفيق والقبول والبركة".

بهذه الكلمات بدأ العروسان عبد الرحمن الرفاعي وتسنيم قواسمي دعوة حفل زفافهما، فقد قررا أن تكون بداية الحياة الزوجية بمشروع خير كي يبارك الله لهما في حياتهما، واقتصر حفل الزفاف على عائلة العريس والعروس في منزل العائلة دون دفع تكاليف إضافية ترهق كاهليهما.

بدأت فكرة الزواج بتكاليف قليلة تظهر عند عبد الرحمن وعروسه تسنيم منذ صغرهما، فهما على يقين بأن العرف والدين لا يحثان على دفع تكاليف باهظة للزواج ترهق العروسين، وعن هذه الفكرة يقول الرفاعي: "كثير من العادات والتقاليد التي يراها البعض في مجتمعاتنا أنه لا بد من القيام بها نرفضها رفضًا قاطعًا، فلا الدين الإسلامي ولا العرف يقولان أن تدفع كل هذه المبالغ لحفل زفاف".

ويضيف: "قررنا عمل أكثر من فكرة في الزفاف، ولكن للأسف كانت هناك صعوبة كبيرة في التنفيذ لأسباب عدة، فكانت إحدى الأفكار عمل حفل صغير في مطعم، ودعوة بعض الأصدقاء والأقارب إليه"، وما جعله يتشجع للفكرة أكثر ردة فعل زوجته تسنيم فقد كانت تقول له لماذا ندفع مبلغا يزيد على 7 آلاف دينار لحفل يقام في ساعتين فقط؟ لماذا لا نتبرع بهذا المبلغ لمشروع خيري يمكن الاستفادة منه؟

ويتابع حديثه عن تفاصيل حفل الزفاف: "أردنا أن يكتب الله لنا الخير في بداية حياتنا مع هذا المشروع البسيط، فكانت الصعوبة التي واجهتها عرض الفكرة على الأهل واعتراضهم على ذلك، فهم يحلمون بأن يفرحوا بنا، ومحكومون بالعادات والتقاليد في هذا الإطار".

ويكمل حديثه: "لكن عندما أتيت للفكرة من منطلق ديني وواجهت فيها والدي وقلت له إذا وقفت في وجهي في هذا الموضوع فكأنك منعت الصدقة عن الأيتام، فهو شعر بالحرج من هذا الموقف ووافق".

ويشير الرفاعي إلى أن الصعوبة كذلك كانت في إقناع أهل العروس بالفكرة، وخاصة والدتها، فهي تحلم بأن ترى ابنتها ملكة في يوم زفافها كما كانت تحلم بذلك وهي طفلة، مضيفًا: "ولكن بفضل الله تمت الموافقة".

ومع ذلك أقام عبد الرحمن وتسنيم حفل زفاف بسيط دعوا إليه 20 شخصًا من أهل العروس والعريس في المنزل، وقدما وجبة غداء والعروس وارتدت فستان الزفاف وذهبت إلى الكوافير واشترت وردًا.

استثمار المبلغ

ويقول:" كل هذا تم بتكاليف بسيطة جدًا، بفضل الله وفرنا مبلغًا كبيرًا في هذا الجانب"، مؤكدًا أن كل من أراد تطبيق الفكرة عليه أن يفكر جيدًا، فليس ضروريا أن يتبرع فيه للفقراء والمحتاجين، فيمكن الإنفاق على أهل بيته، أو استثمار المبلغ في مشروع صغير يستفيد منه مدى الحياة بدلًا من تكاليف باهظة تذهب في حفل زفاف يقام لساعتين فقط.

ويضيف:" إذا الفتاة كانت عندها صعوبة في الفكرة يجب تحفيزها، بإقامة حفلة بسيطة ولكن دون تكاليف، وأن هاتين الساعتين ستنتهيان بسرعة، وأنه يمكن الاستفادة من المبلغ في أشياء ثانية سواء في صدقة أو في افتتاح مشروع".

وعن المبلغ الذي وفره العروسان في حفل زفافهما، يوضح الرفاعي أن المبلغ استثمراه في تعليم طالبة لم تكمل تعليمها بسبب ارتفاع تكاليف الدراسة، قائلًا:" الطالبة كانت عزيزة النفس جدًا فطلبت أن تسد المبلغ بعد وقت، ولكننا اقترحنا عليها أنها في حال تخرجت واستطاعت أن تسد المبلغ يمكنها سده ولكن لطالب آخر وبذلك يصبح مشروعا مستداما".

وعن ردة فعل الجمهور على الفكرة بعد تنفيذها يتابع قوله:" ردة فعل الناس لم نكن مهتمين بها حتى لم نكن نتوقع الضجة التي حدثت على مواقع التواصل الاجتماعي تشجيعًا للفكرة، ولكن البعض كانوا مستغربين".

ويؤكد الرفاعي أن تغيير فكر الناس صعب، ولكن مع الحجة الحسنة يمكن إقناع الناس بهذه الفكرة في النهاية، لافتًا إلى أنهم وثقوا الحفل باستخدام الهاتف المحمول بجودة أفضل من جميع استديوهات التصوير.

ويلفت الانتباه إلى أنه بعد تنفيذ الفكرة سارع ثلاثة شباب من أصدقائه إلى البدء بتنفيذها، مشيرًا إلى أنه ينوي عمل هاشتاج خاص –وسم- كفكرة أطلق عليها اسم "تحدي إشهار الزفاف".

أخيرًا عبد الرحمن الرفاعي وتسنيم نشرا دعوة حفل الزفاف على صفحتيهما الشخصيتين على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، ولقيا تشجيعًا كبيرًا في التعليقات على منشور دعوة الزفاف، وشارك المنشور ما يقارب ثلاثة آلاف مستخدم فيس بوك.

وتضمنت التعليقات إشادة كبيرة بهذه الخطوة، وأنها عودة إلى التقاليد والعادات والتراث الإسلامي الصحيح، مع دعوات بأن يطبق جميع العرسان هذه الفكرة في إحياء حفلات زفافهم، ووصفها كثيرون بأنها تنتمي إلى الرقي والبساطة والرضا والإحسان، داعين لهما أن يبارك الله لهما في حياتهما الزوجية ويرزقهما الخير فيها.

ويبقى السؤال المفتوح لكل عروسين يقبلان على حياتهما الزوجية الجديدة: هل سيكونان قادرين على تطبيق فكرة عبد الرحمن وتسنيم، وتحدي المجتمع، وإقامة العرس وفق العادات والتقاليد الفلسطينية القديمة البعيدة عن البهرجة، والمنتمية إلى الشرع الإسلامي أم لا؟