يشن الاحتلال على أحياء مدينة القدس هذه الأيام هجمة شرسة لاستكمال تنفيذ مخططات التهويد والتهجير، وسرقة المزيد من أراضي القدس، لتنفيذ المشاريع الاستيطانية، وتفريغ مدينة القدس من سكانها أصحاب الأرض الأصليين، وتغيير معالمها وخريطتها الجغرافية، في حين تواصل الجمعيات اليهودية الاستيطانية تنفيذ سلسلة المخططات الخبيثة الهادفة لتهويد الأحياء المقدسية، وتهجير المقدسين منها، لتنفيذ مشروع (القدس الكبرى).
وتواجه أحياء القدس الهجمة الإسرائيلية عليها إذ نفذ الأسبوع المنصرم الاحتلال عمليات هدم لأكثر من (20) محلًّا تجاريًّا في حي شعفاط للاجئين بهدف إلغاء معالم هذا المخيم، وأرسلتبلدية الاحتلال إنذارات هدم لعدد من منازل المقدسيين، ولم يوقف الصهاينة مخططات هدم قرية (الخان الأحمر) شرقي القدس، بل ما زالت مستمرة تهديدات رئيس الوزراء (نتنياهو) بتنفيذ قرارات هدم الخان الأحمر وطرد أهله.
وقدمت الجمعيات الصهيونية بلاغًا للمحكمة الإسرائيلية العليا، لهدم عدد كبير من منازل المقدسيين في حي سلوان، وإجلاء ( 700) مقدسي عن هذا الحي التاريخ أحد أقدم أحياء القدس العتيقة، بهدف استكمال مخططات تفريغ القدس من أهلها، وإحلال المستوطنين تحت ذريعة تطوير أحياء القدس.
قرار محكمة الاحتلال الإجرامي الذي "رفض" خطير ويستهدف بالدرجة الأولى التهجير والإخلاء القسري للمقدسين في حي سلوان وحي بطن الهوى، في المقابل منحت المحكمة الصهيونية حق البناء والسكن اليهود في البلدة القديمة، الذي صودق عليه في (الكنيست)، وستحول حكومة الاحتلال منازلهم وعقارات الأحياء المقدسية لمصلحة الجمعية الاستيطانية التي تحمل اسم (عطيرت كهونيم)، وهذا يستهدف الوجود الفلسطيني في القدس، ويفرض واقعًا احتلاليًّا طويل الأمد على القدس، ويخدم تنفيذ مخططات إفراغ المدينة من أهلها الفلسطينيين.
ما يحدث من جرائم التهويد والتهجير التي تستهدف حي سلوان وحي بطن الهوى من أجل تنفيذ أطماع المستوطنين في المنطقة، وبدء مشروع الحوض المقدس التهويدي بحي الشيخ جراح شمالًا، ومرورًا بالبلدة القديمة، ووصولًا إلى بلدة سلوان وسفح جبل المكبر، بهدف إضفاء صبغة يهودية على المكان.
إن سياسات الاحتلال الإجرامية بحق حي سلوان تؤكد أن الاحتلال يقود مخططًا خطيرًا منذ زمن بعيد يطلق عليه مخطط (E1)، وهدفه إفراغ المنطقة من الفلسطينيين أصحاب الأرض، وتحقيق امتداد استيطاني يربط مدينة القدس بالمستوطنة الكبرى (معاليه أدوميم) من الشرق، وعزل القدس عزلًا كاملًا عن الضفة الغربية المحتلة.
وقبل أيام صدقت المحكمة الإسرائيلية العليا على تعديل ما يُسمى قانون (الحدائق الوطنية) القريبة من المسجد الأقصى، الذي يسمح للمستوطنين ببناء وحدات استيطانية عليها، ويعمل على تكثيف الاستيطان في شرقي للقدس، والمناطق الملاصقة للسورين الجنوبي، والغربي للمسجد الأقصى المبارك.
إن محاكم الاحتلال ومنظومة القضاء الكاذبة في الكيان شريك أساسي في جريمة التطهير العرقي للفلسطينيين في أحياء القدس، وتتقاسم الأدوار والمؤسسة السياسية التنفيذية للاحتلال والجمعيات الاستيطانية التهويدية، ومحاكم الاحتلال تخدم في كل قراراتها الإجرامية منطلقات الأحزاب الصهيونية كافة.
ويسارع الاحتلال في عمليات تهجير المقدسيين وطردهم من ممتلكاتهم منتهزًا الفرصة الثمينة، والدعم الأمريكي، والضوء الأخضر الذي قدمه الرئيس الأمريكي ترامب، بهدف كسب الوقت، وقطع الطريق على كل من يقف في وجه هذه المشاريع التهويدية الإجرامية.
رسالتي في هذ المقال تدق ناقوس الخطر الذي يحدق بأحياء القدس في مواجهة نكبة التهجير والتطهير العرقي، اللذين يمارسهما الاحتلال ضاربًا عرض الحائط بكل المعاهدات والمواثيق الأممية، ولا نستطيع أن ننكر الدور العربي والدبلوماسي المطلوب من أجل التحرك وملاحقة العدو الصهيوني، والوقوف في وجه هذه الجرائم بحق القدس، ونشدد على أهمية مواصلة الدعم المادي والمعنوي لأهلنا المرابطين في القدس المحتلة، ومساندتهم في مقاومة الاحتلال، وفي الوقوف في وجه هذه الجرائم التي ترمي إلى تهويد كل القدس، وهدم المسجد الأقصى المبارك، وإقامة الهيكل المزعوم.