فلسطين أون لاين

السودان و(إسرائيل)؟ بانتظار النفي الرسمي

ما زلنا في بحث ترددات الهزة الأرضية التي تسببت بها (إسرائيل) في الأيام الأخيرة، وهي تعلن "فتوحاتها" للعواصم العربية والإسلامية، وهي تعلن استضافتها للمزيد من زعمائها، وتخطط لزيارات إسرائيلية إلى تلك الحواضر العربية، دون أن يخرج رد فعل عربي يستدرك، يعقب، يرفض، يقول أي حاجة، ولو من باب رفع العتب، لكن القوم على رؤوسهم الطير، وقد تعلمنا منذ الصغر أن "السكوت علامة الرضا".

بعد أن بدأت غزوات نتنياهو بسلطنة عمان، تلاها وزراؤه بزيارة أبو ظبي ثم البحرين، وصولا إلى إندونيسيا، وآخرهم تشاد، وما بينهما السعودية من اتفاقيات وعلاقات تحت الطاولة وفوقها، وقبلهم وبعدهم مصر والأردن، جاء الدور على السودان، السودان؟ نعم..بمنتهى الأسف نعم!

فبعد أن فرضت الرقابة الإسرائيلية تعتيماً على المباحثات التي يجريها المسئولون الأمنيون مع نظرائهم السودانيين، آن أوان الكشف عنها، تزامنا مع زيارة الرئيس التشادي إلى تل أبيب.

اللافت في الاحتفاء الإسرائيلي بدخول السودان على خط التطبيع العربي معها، أن الخرطوم لا تشترك مع باقي دول الخليج العربي أنها لا تمتلك علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل، ليت الأمر توقف هنا فحسب، بل إن الدهشة الإسرائيلية "الإيجابية" تنطلق من عدة أسباب:

  • فالسودان مصنفة في القاموس الإسرائيلي على أنها دولة معادية، نعم معادية.
  • ومواقف السودان السياسية مناصرة للفلسطينيين منذ قمة الخرطوم صاحبة اللاءات الثلاث.
  • كما أن علاقات الخرطوم وطيدة، أو هكذا كانت، مع قوى المقاومة الفلسطينية.
  • وقد ارتبطت السودان إلى وقت قريب بعلاقات جد وثيقة مع دول معادية لـ(إسرائيل) كإيران،
  • والأهم مما تقدم أن السودان لا يربطها بـ(إسرائيل) جغرافيا ولا حدود، بحيث تكون هذه العلاقات أمرا طبيعياً!

كاتب السطور تحدث قبل عامين عن ترتيبات بين تل أبيب والخرطوم، ولم تكن حينها من بنات أفكاره، بل عبر تقصي ما ينشره الإعلام الإسرائيلي من معلومات "مشفرة" عن حراك سياسي إسرائيلي باتجاه عاصمة عربية أفريقية، ذات موقع جيو-استراتيجي، وكأن المعلومة فقط كان ينقصها أن تشير للسودان، لكن نقل هذه التسريبات واجهتها حالة من الإنكار والرفض، واعتبارها جزءا من بروباغندا إسرائيلية تهدف لتشويه من تبقى من العرب القابضين على جمر القضية!

اليوم توشك أن تعلن (إسرائيل) رسمياً أنها على بعد أمتار من دخول الجامعة العربية، وتحصيل عضوية منظمة المؤتمر الإسلامي، حين تتحدث تصريحاً وليس تلميحاً أن وجهتها القادمة هي السودان، والقوم هناك صامتون، لا رافضون ولا مستنكرون، وما زلنا بانتظار النفي الرسمي الصادر عن مستويات الدولة المعروفة، وليس جهات حزبية هنا وهناك!