فلسطين أون لاين

​متى يجوز الخروج على ولي الأمر في الإسلام؟

...
للإسلام نظامه السياسي الذي تُحكم فيه الأمة وتنظم حياتها
غزة/ نسمة حمتو:

إن للإسلام نظامه السياسي الذي تُحكم فيه الأمة وتنظم حياتها، وعلى رأس النظام السياسي في الإسلام ولي الأمر الذي يسمى الخليفة أو رئيس الدولة أو الإمام أو الأمير، ويصل إلى منصب ولي الأمر أو إمام المسلمين بشروط ذكرها العلماء.

وتتلخص هذه الشروط في أن يكون: مسلمًا، ورعًا، ثقةً، عدلًا، بالغًا، عاقلًا، والأهم من كل ذلك أن يبايعه أهل الحل والعقد، الممثلون للأمة أو الشعب، ويعرفون في زماننا هذا بأعضاء البرلمان أو مجلس الشورى.

توافر الشروط

الأستاذ المشارك في الفقه وأصوله زياد مقداد قال: "إذا توافرت الشروط في الإمام واختير للولاية فإن ولايته تكون مشروعة، وعندها تثبت له حقوق وتجب عليه واجبات"، مشيرًا إلى أنه على رأس هذه الحقوق الطاعة فيما يصدر عنه من أوامر أو قرارات أو أحكام وفق قوله (تعالى): "يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، ولقوله (صلى الله عليه وسلم): "اسمعوا وأطيعوا، ولو أمر عليكم عبد حبشي"، وفي رواية أخرى: "على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية".

وأضاف مقداد: "هذه النصوص وغيرها تدل على أنه للحاكم أو ولي الأمر حق الطاعة بأمر الله ورسوله، ولكن هذه الطاعة مشروطة وليست مطلقة، وأهم قيد من هذه القيود ألا يأمر بمعصية، وألا يتضمن أمره للناس مخالفة شرعية أو مخالفة لنص من نصوص القرآن أو السنة".

لا طاعة مطلقة لمخلوق

وتابع قوله: "هذا مرده إلى قوله (صلى الله عليه وسلم): "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"، وشرط الطاعة الموافقة لشرع الله أو شريعة الله وأحكامه، وعدم مخالفتها، ومن الشروط أيضًا التي ينبغي أن تكون متوافرة أن يشاور أهل العقل والعقد قبل اتخاذ القرارات فيما ليس فيه نص"، موضحًا أنه إذا كانت المسألة اقتصادية يشاور أهل الاقتصاد، وإذا كانت متعلقة بالمعاملات الاجتماعية يستشير المختصين، وهكذا، وإلا فلا تلزم الطاعة، إذا كان يصدر قرارات بغير تشاور أو رجوع لأهل الخبرة، حسبما أكد.

وذكر مقداد أن من الشروط أن يراعي المصلحة، لأن القاعدة الشرعية تقول: "رأي ولي الأمر منوط بالمصلحة"، قائلًا: "يفهم من هذا أنه إذا لم تراع فيه المصلحة فلا طاعة له في هذا الرأي، وعليه نفهم أن طاعة ولي الأمر ليست مطلقة بل مقيدة بهذه الشروط".

وعن سؤال: "هل يجوز الخروج على ولي الأمر؟" أجاب: "إذا ما وُلِّيَ وَلي الأمر بالطريقة الصحيحة، وتوافرت فيه الشروط؛ فإن الخروج عليه محرم، وجريمة من الجرائم الكبرى، لما يترتب على ذلك من اضطراب وفوضى في حياة الأمة المسلمة، ولما سيتبع ذلك أحيانًا من إهراق الدماء، وربما يعود بأضرار مادية ومالية على الأمة".

إضعاف هيبة الأمة

وأكمل مقداد: "ولما يصحب ذلك من إضعاف لهيبة الأمة أمام أعدائها، فإذا وجد الأعداء أنه في كل حين يسقط الشعب ملكًا أو رئيسًا؛ فهو يدل على ضعف الحكومة، ما يغري الأعداء بشن حرب عليهم".

واستدرك: "لكن إذا لم تتوافر الشروط في ولي الأمر، كأن يصدر أوامر مخالفة للنصوص الشرعية، وما اشتملت عليه من أحكام، أو أن يحارب علماء المسلمين، ويمنع نشر دعوة الإسلام ويعطل شعائر الإسلام هنا وهناك، ويعطل راية الجهاد؛ فإنه في هذه الحالة يجب على المسلمين أن يخلعوه أو يعزلوه".

وأكد أن ذلك يحدث من طريق أهل الحل والعقد ومجلس الشورى، إذ يطالبونه بالاعتزال، أو يصدرون قرارًا بخلعه في هذه الحالة؛ لأنه لا ينفذ الأحكام الشرعية، والأصل أن ولي الأمر أمين على تنفيذ أحكام الشريعة.

كلمة الحق

ونبه مقداد إلى أنه في حال لم يطع فلا بقاء له على العرش والحكم بل يعزل أو يخلع، لافتًا إلى أنه إذا لم يستجب الحاكم ففي هذه الحالة لابد من النظر في الخروج عليه والنتائج المترتبة على ذلك، فإن ترجح للأمة أن الخروج عليه قد يطيح به دون أن يترتب على ذلك أضرار عظيمة وإهراق دم كثير ومفاسد عظيمة؛ فلا بأس من الخروج عليه من أجل إعلاء كلمة الحق وتثبيت أحكام الشريعة.

وقال: "أما إذا ترجح للأمة أن الخروج على الولي سيتسبب عنه إهراق دماء كثيرة وتدمير وتخريب في مقدرات الشعب والأمة، وأنه يصعب إزاحته كما نرى في كثير من الدول في عصرنا؛ فلا يجوز الخروج في هذه الحالة، دفعًا للفتنة ودرءًا للمفسدة التي تعود على الأمة".