لم يخطر في بالي أن تلجأ وكالات عربية إلى المس بقيادات فلسطينية مستعينة بأخبار تنشرها الصحافة الإسرائيلية، حيث نشرت مواقع إخبارية فلسطينية أقوال مقاول "إسرائيلي" ادّعى أن أحد قادة الشعب الفلسطيني كان يعمل لديه مدة 9 سنوات، وأنه كان يزورهم ويجلس على موائدهم بل ويعدّهم مثل عائلته! ما هذه السخافة، وهل نقبل شهادة عدو كاذب فقط لأنها تمس بخصم سياسي؟
أنا أعرف أحد "القادة" من غزة وليس من التيار الإسلامي، كان عاملًا داخل الأراضي المحتلة في سنوات الطفولة وما زال أهل البلد يتذكرونه، كان يجلس على الرصيف بانتظار سيارة عمال تقله، وكان يسكن في مدينتي، ولكن ما الفائدة من نشر مثل تلك المعلومات إلا إذا كانت المعلومات المتوافرة ضد هذا الشخص غير كافية لتشويهه، حينها -وإن غاب الضمير وشرف الخصومة- ستنشر المعلومة الصحيحة مع دس الكثير من الافتراءات لتشويه الرجل، وهذا هو الإفلاس الإعلامي الناتج أساسًا عن الإفلاس السياسي، وهذا بالضبط ما وقعت به وكالات أنباء ومواقع فلسطينية ولحقت بها مثيلاتها في الوطن العربي.
الساحة الفلسطينية تعج بالقضايا الشائكة وهي بحاجة إلى جهود حقيقية لحلها، والهرب إلى الخيال أو إلى ما يقوله مقاولو البناء الإسرائيليون أو مقاولو الأكاذيب أمثال غطاس، لا يفيد الهاربين في شيء، إنما هي مضيعة للوقت. العجلة تسير وهناك من يستغل كل لحظة لتحقيق إنجازات وهناك من يعيش على صناعة الأوهام، ونحن نريد تعزيز جهود الفريق الأول وتصحيح مسار الفريق الثاني.
"فصائل فلسطينية تطالب بتشكيل مرجعية سياسية لغرفة العمليات المشتركة"، عنوان لخبر آخر شدني وقد نشرته المواقع المشار إليها آنفًا، أنا لا أنظر إلى الأمور الحساسة بنية حسنة ولكن بقراءة حسنة ومتفحصة، فما الذي دعا تلك الفصائل -والحقيقة أنه فصيل واحد ولكنهم يحبون تهويل العناوين- لمثل هذا الأمر مباشرة بعد انتهاء الجولة الخاطفة من الاشتباك بين المقاومة والعدو الإسرائيلي. لا بد لذلك الفصيل أن يدعم المصالحة، فإذا تحققت على أصولها وكما هو متفق عليه سيكون هناك مرجعية سياسية لغرفة العمليات المشتركة وإلى حين نجاح المصالحة نتمنى عدم الزج بوحدة فصائل المقاومة في المزايدات السياسية حتى لا تكون مطالبتهم بداية لتخريب ما أُنجِزَ.