لو كانت حكومة بنيامين نتنياهو تمتلك القدرة على حسم الجولة الأخيرة ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة لما قبلت بوقف إطلاق النار بهذه السرعة، ولتحوّلت جولة التصعيد إلى حرب شاملة أشد من حرب الـ 51 يوما عام 2014، ولكنها ليست مستعدة لمواجهة مع المقاومة ولا لمواجهة مفاجآتها التي بدأت بإفشال التسلل شرقي خانيونس ثم بتفجير باص بصاروخ الكورنيت وضرب عسقلان بقوة لم يعهدها الكيان الإسرائيلي إلى جانب التكتيك الجديد في اطلاق الصواريخ التي تتميز بدقة اكبر وبقوة تدميرية مضاعفة.
اليهود معروف عنهم الغدر ولكن معروف عنهم الجبن أيضا، فإن كانت لديهم القدرة فلن يتأخروا عن اجتثاث المقاومة الفلسطينية من غزة او الشعب الفلسطيني من أرضه دون انتظار ذرائع أو أسباب للإقدام على تلك الجرائم. الغدر الذي من الممكن لليهود ممارسته هو كما حدث شرق خانيونس، عمليات تسلل، اغتيال شخصيات لا تصل إلى الصف الأول بشكل سري، ولكن الإقدام على اغتيال قيادات فلسطينية فهذا مستبعد لأن دولة الاحتلال(إسرائيل) ليست لديها القدرة على تحمل تبعات جرائم بذلك الحجم.
إن نجاح بنيامين نتنياهو في المحافظة على تماسك حكومته وإنقاذها من التفكك لا يعني أنه قرر احتلال غزة او توجيه ضربة قاسية لها، فالحكومة هي ذاتها ولكن بدون ليبرمان، وقدرة الجيش الإسرائيلي هي ذاتها ولكن بمعنويات منهارة، ولكنه دون شك استطاع ان يحرم المقاومة الفلسطينية من انتصار معنوي أشد وطأة من استقالة وزير الحرب الفاشل أفيغدور ليبرمان، كما ان لدى نتنياهو حساباته الشخصية المتعلقة بقضايا فساد تتربص به، حيث ان جل اهتمام وزراء حكومة الإرهاب الإسرائيلية متعلقة بمكاسبهم السياسية، فمحافظتهم على مصالح كيانهم غير الشرعي لا تنبع من " وطنيتهم" حيث لا يوجد لهم وطن، ولكنها طريقتهم في تحقيق المزيد من المكاسب السياسية، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن غزة لم تعد ساحة مناسبة للدعاية الانتخابية الإسرائيلية، ولهذا قد تشهد الضفة الغربية المزيد من الجرائم الاسرائيلية مع اقتراب انتخاباتهم .
في الأيام القليلة القادمة ستتضح الصورة، وأنا أميل إلى أن غزة لا تذهب باتجاه الحرب إن شاء الله وإنما باتجاه رفع الحصار، وذلك يتطلب مقدمات قد يشهدها قطاع غزة مثل تحقيق المزيد من الانجازات في جميع الاتجاهات، فهذا وقت حصاد 12 عاما من الصمود والصبر والثبات على المبادئ، وليس في غزة من يقبل أن يستمر الحصار الإسرائيلي الظالم أكثر من ذلك.