فلسطين أون لاين

​القبة الحديدية.. مشروع دفاعي فشل أمام صواريخ غزة

...
سقوط صاروخ للمقاومة الفلسطينية في الداخل المحتل
غزة - محمد أبو شحمة

على مدار ثلاثة أيام أطلقت المقاومة الفلسطينية مئات الصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة، محدثة أضرارًا بيّنة في البنية التحتية عدا عن إصابة عشرات الإسرائيليين.

وبدا خلال الجولة الأخيرة والتي حسمت لمصلحة المقاومة، ضعف أداء القبة الحديدية التي أنفقت عليها (إسرائيل) ملايين الدولارات بتمويل أمريكي، إذ لم تفلح القبة المخصصة لإسقاط الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى سوى باعتراض 25% من مقذوفات المقاومة، وهو الأمر الذي عكسته تلك الخسائر التي أقر بها الاحتلال.

ولم تعلن الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة عن عدد الصواريخ التي أطلقتها تجاه الاحتلال، لكن وسائل إعلام عبرية ذكرت أن القبة الحديدية اعترضت نحو 100 صاروخ من أصل نحو 400.

والقبة الحديدية هي نظام دفاع جوي بالصواريخ ذات القواعد المتحركة، طورته شركة "رافئيل" الإسرائيلية لأنظمة الدفاع المتقدمة، والهدف منه اعتراض الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية.

وتقدر تكلفة الصاروخ الواحد المعترض في القبة الحديدية بما بين 35 ألفًا و50 ألف دولار، وحتى 62 ألف دولار وفقًا للمصادر الإسرائيلية.

ويرى خبراء أن نجاح صواريخ المقاومة في الوصول لأهدافها يعطي مؤشرًا بأن مهندسي الأجنحة العسكرية للفصائل يعملون بتكتيك عسكري محترف لمنع التقاط القبة الحديدية لصواريخهم.

وأظهرت مقاطع فيديو بثها مستوطنون على شبكات التواصل الاجتماعي، القوة التفجيرية لصواريخ المقاومة بعد سقوطها، والدمار الكبير الذي أحدثته في مبانٍ يتكون بعضها من عدة طوابق.

ووفقًا لمعطيات نشرتها الصحافة العبرية، فإن صواريخ المقاومة التي أطلقت من قطاع غزة خلال العدوان الإسرائيلي الذي دام نحو 72 ساعة، أدت لتضرر 317 شقة سكنية، و81 مركبة للمستوطنين، إضافة لأربع مزارع وأربع منشآت بنى تحتية. في حين سجل إصابة 85 مستوطنًا وجنديًّا بجراح متفاوتة.

ويقول معلقون إسرائيليون إن فشل القبة في اعتراض صواريخ غزة يعد فشلًا استراتيجيًّا للمشروع الدفاعي، خاصة بعد قرار قيادة الجيش في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي توسيع عملية نشر القبة في محيط غزة "تحسبًا لأي تصعيد محتمل"، كما ذكرت إذاعة الجيش في حينه.

ووصف الخبير الإسرائيلي في هندسة الطيران والفضاء "موتي شيفر"، القبة الحديدية بأنها أكبر خدعة عرفتها المنطقة.

وعد شيفر في تصريحات سابقة، القبة سلاحًا سعى جيش الاحتلال لتسويقه لدول عدة على مستوى العالم، بما يعود عليه بمليارات الدولارات من خلال صفقات بيع السلاح.

وقال: القبة الحديدية لا تعدو كونها عرضًا صوتيًّا وضوئيًّا لا تعترض، ولا تسقط شيئًا غير الرأي العام الإسرائيلي، لأن كل الانفجارات التي نشاهدها، ونسمعها في الجو، ناتجة عن تدمير ذاتي لصاروخ قبة حديدية يدمر نفسه، أو يعترض صاروخًا آخر من القبة نفسها، ولم يتمكن صاروخ واحد أطلقته القبة وبشكل مطلق من إصابة أي صاروخ أو قذيفة صاروخية".

انتكاسة إسرائيلية

في ذات الإطار يؤكد الخبير في شؤون الأمن القومي د. إبراهيم حبيب، أن القبة الحديدية أصيبت بانتكاسة كبيرة؛ لفشلها في اعتراض 75% من صواريخ المقاومة.

وأوضح حبيب في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن جيش الاحتلال تباهى خلال الحرب العدوانية على غزة صيف 2014، بأن القبة الحديدية أسقطت أكثر من 40% من صواريخ المقاومة، ما دفعه لتطويرها بعد العدوان ليرفع معدل فاعليتها.

ويرى حبيب أن ذلك "أصاب الاحتلال بحالة من الضعف، وأجبره على التراجع والقبول بتثبيت وقف إطلاق النار".

وقال: "غيرت المقاومة خلال جولة التصعيد الأخيرة، معادلة الاشتباك الاستراتيجية، إذ انتقلت من مرحلة التطوير إلى مرحلة الفعالية في دقة صواريخها وقوتها التفجيرية".

وعزز حبيب رأيه بالإشارة إلى ما بثه الإسرائيليون على شبكات التواصل من صور ومقاطع فيديو تظهر قدرة الصواريخ على إيلام دولة الاحتلال ومستوطنيها "وهو ما كان له الأثر الكبير على القرار السياسي والعسكري الإسرائيليين، ودفعهم للخروج من هذه الجولة بهزيمة واضحة كانت سببًا في استقالة وزير الجيش أفيغدور ليبرمان".

وكانت قوة إسرائيلية خاصة تسللت إلى شرقي مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، لتنفيذ مهمة استخباراتية معقدة، كشفتها "كتائب القسام"، الجناح المسلح لحركة "حماس"، واشتبكت معها وأوقعت بها خسائر، واستشهد من الكتائب نور الدين بركة و6 آخرون، وقتل قائد القوة وأصيب ضابط آخر بجراح، قبل أن تتدحرج الأحداث في القطاع وصولًا إلى القصف المتبادل.