فلسطين أون لاين

​مجلّي: واشنطن تدرس توقيت إعلان "صفقة القرن"

ماأهداف نتنياهووبينيت من إبقاءالائتلاف الحكومي قائمًا؟

...
اجتماع حكومة نتنياهو (أ ف ب)
الناصرة / غزة - نبيل سنونو

على عكس ما توقّعه كثيرون، جاء إعلان رئيس حزب "البيت اليهودي" نيفتالي بينيت أمس بقاءه في حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو، متنازلا عن مطلبه تولي منصب وزير الجيش الذي يشغله الأخير حاليا، بعدما كانت الحكومة على حافة الهاوية، لكن هل الإبقاء على هذا الائتلاف ينقذ حكومة الاحتلال من السقوط؟ ولماذا كان قرار الطرفين على هذا النحو؟

ويترافق مع هذين السؤالين، حديث إعلامي عن ربط إعلان ما تسمى "صفقة القرن" التي تعدها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالوقت الذي يناسب الظروف السياسية في (إسرائيل).

وكان وزير جيش الاحتلال أفيغدور ليبرمان استقال الأربعاء الماضي، قائلا: إن (إسرائيل) استسلمت للمقاومة في قطاع غزة، ما أثار توقعات بإجراء انتخابات مبكرة.

ويرى الخبير في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي أن الأزمة الائتلافية انتهت، موضحا أن بينيت، وزير التعليم، هو من أدى إلى هذه الأزمة عندما أراد تولي منصب وزير جيش الاحتلال، قبل أن يتراجع عن ذلك.

ويترتب على ذلك أن حكومة نتنياهو ستحاول الاستمرار في عملها حتى نهاية دورتها في نوفمبر/ تشرين الآخر 2019، ولكن بأكثرية ضئيلة في "الكنيست"، ما يعني أن الائتلاف سيكون هشًّا.

وجرت انتخابات تشريعية في 17 مارس/ آذار 2015 لاختيار "الكنيست" الـ20، وتمخضت عن فوز حزب الليكود بزعامة نتنياهو بـ 23.4% من الأصوات مما أعطاه 30 مقعدًا من أصل 120 من المقاعد.

وهدف نتنياهو من بقاء الائتلاف، هو مواجهة المعركة الداخلية مع نيابة الاحتلال التي تستعد لتوجيه لائحة اتهام ضده في قضايا فساد، بحسب مجلي، الذي يضيف أن وجود نتنياهو في الحكومة سيجعله من يقرر المفتش العام القادم للشرطة، والذي سيقدم التوصيات بشأن لوائح الاتهام.

ويقول مجلي: إن نتنياهو يريد من المفتش العام الجديد أن يكون "رحيما" معه، وألا يضع بنود اتهام قاسية تؤدي إلى سجنه في قضايا الفساد، وهذه هي المعركة الأولى والأساسية لنتنياهو حاليا.

ويشير إلى أن نتنياهو يستخف باحتجاجات الجمهور الإسرائيلي، مبينا في الوقت نفسه أنه لا يستطيع ولا أي وزير آخر للجيش فعل شيء، لأن إمكاناتهم في مواجهة الوضع في قطاع غزة "محدودة للغاية".

وفي الشأن الأمني، يعتقد مجلي أن ما سيفعله نتنياهو هو ترك الأمور تسير وتتدحرج كما هي وفقا للمعادلات المصرية التي تواصل جهودها "لتهدئة الأوضاع" في القطاع.

لكنه ينبه إلى بينيت يتأمل أن يكون هناك تطور أمني متمثل بالعدوان على غزة أو الاغتيالات، وذلك يمثل "سلاحا" في يد نتنياهو يستله في الوقت الذي يعتقد أنه ملائم له، لكن التطورات الآن تبين أن معركة الأخير الأساسية داخلية.

وعن قول بينيت: إن قراره البقاء في الائتلاف الحكومي لمنح نتنياهو الوقت لتصحيح مسار الأمور في سلسلة قضايا، يوضح مجلي أن هذه حجة يتذرع بها وزير التعليم الذي كان قد هدد بالاستقالة من أجل منصب وزير جيش الاحتلال.

وبحسب مجلي، لم يكن مطلب بينيت يحظى بقبول في المجتمع الإسرائيلي ولا حتى داخل حزبه.

ويلفت إلى أن عضوين في حزب "البيت اليهودي" صرحا بأن من الخطأ الشنيع أن يسقط "حزب يميني متشدد" كهذا الحزب الحكومي تكرارا "للأخطاء السابقة" سنة 1999 عندما خسر اليمين الحكم، وقد مورست ضغوط داخلية على بينيت للعدول عن موقفه.

ويقول مجلي: إن الإعلام العبري لم يصدق بينيت الذي زعم حرصه على ما يسميه "أمن" (إسرائيل) حينما طلب أن يتولى منصب وزير جيش الاحتلال، وهناك من قال له إنه لن يضيف شيئا للسياسة الأمنية، وأنه قد يخرج بفضيحة من الوزارة، عدا عن أن هذا الجيش ليس معنيا بوزير مثل بينيت على رأسه.

ويضيف أن بينيت فهم أنه يدخل بذلك مغامرة قد تسيء إليه بالانتخابات، مع أنه يعد أكثر من استفاد من الأزمة الائتلافية، إذ إن استطلاعات الرأي تشير إلى أنه سيحصل على 12 مقعدا في "الكنيست" بدلا من ثمانية، في الانتخابات المقبلة.

وعلى وقع هذه التطورات، يتابع مجلي بأن جلسات ستنعقد في واشنطن الأسبوع الجاري لبحث "صفقة القرن" التي تعدها الإدارة الأمريكية، وقد غادر سفير الأخيرة في (تل أبيب) ديفيد فريدمان إلى بلاده ليشارك في هذه الاجتماعات.

ويردف بأن الولايات المتحدة تدرس الآن الوضع الإسرائيلي ومدى استقرار حكومة نتنياهو، وهل من المناسب إعلان الصفقة أم لا؟

عمل عسكري

لكن الخبير في الشأن الإسرائيلي د. صالح النعامي يرى في منشور بموقع التواصل "فيسبوك"، أن نتنياهو بصفته رئيسا للحكومة ووزيرا لجيش الاحتلال، يمكن عبر الإبقاء على الائتلاف الحكومي، أن يدير سياسته تجاه كل الملفات بمعزل عن "بعبع الانتخابات المبكرة"، وهذا سيمنحه هامش مناورة أكبر في التعاطي مع قضية غزة.

ويعتقد النعامي أن تأجيل الانتخابات قد يسمح بتبريد غضب الجمهور الإسرائيلي من نتائج الجولة الأخيرة مع المقاومة في حال تمت المحافظة على "الهدوء" من جانب غزة، لكنه في المقابل يحسن من قدرة نتنياهو على شن عمل عسكري على القطاع، دون الخوف من تداعيات ذلك على نتائج الانتخابات.

ويتابع بأن ضغوط الرأي العام وكم التعهدات التي قدمها نتنياهو بتحسين الواقع الأمني المستوطنات المحاذية للقطاع، ستجعله أقل ترددا في شن عمل عسكري على غزة، بغض النظر عن طابعه، في حال تواصل ما يزعمون أنه "استفزازات" من غزة.

وفي الوقت نفسه يقول النعامي: "لا أستبعد أن يقدم نتنياهو على شن عمل عسكري مباغت بمعزل عن سلوك المقاومة، وهناك الكثير من المؤشرات على ذلك".

وينبه إلى أن عدول وزراء البيت اليهودي عن الاستقالة نسف كل الحسابات، وأن حكومة نتنياهو قد تبقى عاما إضافيا.

أما الخبير في الشأن الإسرائيلي وليد علي، يقول: إن الأزمة التي شهدتها (إسرائيل) تعبير عن "أزمة المشروع الصهيوني"، مبينا أن هزيمة جيش الاحتلال تعني انتهاء قدرته ودوره إضافة إلى هذا المشروع برمته.

ويتوقع علي في حديث مع صحيفة "فلسطين"، أن تكون حكومات الاحتلال القادمة أمام أزمات متتالية إلى أن يتفكك "المشروع الصهيوني".

ويصف حكومة نتنياهو الحالية بأنها هزيلة، تقوم على 61 صوتًا، وتخضع لابتزاز كل أطيافها، ولا تستطيع القيام بشيء يرضي الجميع.

ولا يزال علي يعتقد أن أي اختلال في حكومة نتنياهو يعني سقوطها، لافتا إلى أن كل ما يهم نتنياهو هو البقاء في السلطة كي لا يحاكم.

وفيما يتعلق بصفقة القرن، يقول علي: إنها تلقت أكثر من صفعة، كان آخرها فشل العدوان على غزة.

لكنه يشير إلى أن ترامب سيستمر في السعي لتمرير بنود الصفقة، معتقدا أن الرئيس الأمريكي سيعلن الصفقة بطريقة ما، لكنه بالتأكيد سيكون إعلانا مربكا وليس كما أراد له أن يكون.