فلسطين أون لاين

​بلدة "دير استيا"..عمارة صامدة أمام أعتى استيطان بالضفة

...
قرية دير استيا
قلقيلية - مصطفى صبري

ليس بعيدًا عن وادي قانا الشهير في الضفة الغربية المحتلة، بين قلقيلية ونابلس، تتربع بلدة "دير استيا" على كنز تاريخي يتمثل بالمباني القديمة التي ما زالت صامدة أمام أعتى استيطان إسرائيلي في المنطقة.

رئيس بلدية دير استيا سعيد زيدان يفتخر بالمباني القديمة التي تعود إلى الحقبة الرومانية ومحافظة الأهالي والمؤسسات عليها، ويقول: "نحن أمام صورة تراثية حازت الرقم 5 من أصل 12 مركزا تاريخيا حسب التصنيف التاريخي للعاملين في مجال الحفاظ على التراث القديم".

وأضاف زيدان لصحيفة "فلسطين" أن مباني دير استيا تشير إلى عمق المكان التاريخي الذي يثبت زيف وكذب الاحتلال الإسرائيلي الذي استولى على التلال القريبة وأقام كبرى المستوطنات والمناطق الصناعية التي تلوث المكان بمخلفاتها المجهولة، مردفًا أن فيها عمارة قديمة من أزقة وقصور وأحراش ومبانٍ أثرية، وهي قبلة الباحثين عن العمارة القديمة والتاريخ الذي يسجل قدم وعراقة المكان".

والجميل في المباني القديمة، والقول لزيدان، أن معظمها ما زال مسكونًا، ولم يتركها الأهالي وفاءً للآباء والأجداد، وهذا لا يوجد إلا في بلدة دير استيا، حيث العراقة والحفاظ على هذا التاريخ الذي نعتز به ويثبت أحقيتنا بهذا الوطن المهدد بالسلب والتهويد "فنحن نرى القرميد الأحمر (بيوت المستوطنين) يغطي التلال المحيطة بنا في صورة لغزو الاستيطان للمنطقة، ومصادرة مقومات الحياة".

وأكد أن البلدة القديمة في دير استيا ما زالت شاهدة على التاريخ، ورغم تقدم العمران إلا أن المحافظة على الآثار والمنازل والموجودات التاريخية بقي صامدًا بدون اندثار، عادًّا ذلك "هدية أهالي البلدة للوطن بأكمله بأنهم استمروا في الحفاظ على كنز فلسطين".

وقال زيدان: "أنا على يقين أن الاحتلال يخطط لهذه البلدة بعد اكتمال مسلسل التهويد في المحيط، فمن يدخل وادي قانا متجها إلى دير استيا يصدم بالتهويد في المكان من سبع مستوطنات، كأنها رؤوس الشياطين تزحف إلى التاريخ والجغرافيا معا".

أما المهندس المعماري ياسر داود يقول: "بلدة دير استيا مثال للحفاظ على التراث، فالكثير من المناطق انحصرت فيها الأماكن التاريخية بسبب الغزو العمراني لها بعد منع الاحتلال أصحاب التجمعات السكانية من التوسع في أراضيهم بحجة أنها مصنفة (ج)، فاضطروا إلى إزالة القديم والبناء مكانه، إلا في دير استيا تجد الحفاظ على الفن التراثي القديم الذي تم ترميمه ليكون معلما مهما وصامدا في المنطقة المهددة من الاحتلال".

ويعد المهندسون والباحثون بلدة دير استيا قبلة للجمال والبحث والتعلم من الفن المعماري الموجود فيها وكيف تتجسد معاني الهندسة فيها، بحسب داود الذي يؤكد وجوب الحفاظ على هذا المكان كونه مدرسة في تعليم الفن المعماري الهادف للأجيال القادمة، وأن يكون هناك مساق خاص بالبلدة لتعدد الأشكال المعمارية فيها.

أما المواطنة فوزية أبو حجلة (60 عامًا) تسكن في منازل البلدة القديمة في دير استيا، وتقول بحرارة العشق للمكان: "أعيش في منزل عائلتي القديم، واحترامًا للآباء والأجداد رفضت الخروج من البيت القديم إلى بلدة دير استيا الجديدة، فهذه البيوت ورثناها ونقوم بترميمها باستمرار من التشققات والانهيارات الجزئية ورصف الأزقة".

وتضيف أبو حجلة لـ"فلسطين" "يجب حماية عمارة البلدة من الاندثار، فنحن وخصوصا الجيل القديم نرفض الهجرة عن البلدة القديمة تحت أي ظرف، فالاحتلال يتربص بنا وقد يدعي أن فيها مقامات دينية ويستولي عليها كما حدث مع القرى القريبة منا في كفل حارس وفرعتا".

في حين يقول المزارع السبعيني جهاد منصور: "نحن في بلدة دير استيا نحافظ على تراثنا في البلدة القديمة وعلى حقنا في وادي قانا الشهير، فنخرج يوميا إليه لنحافظ على أراضينا المزروعة بالحمضيات ونعود مساء نسكن في البلدة القديمة كي تبقى قائمة بأبنيتها وأهلها".

ويضيف منصور لصحيفة "فلسطين" أنه "في الستينات لم يكن هناك استيطان، وبعد الاحتلال شاهدنا الاستيطان وهو يزحف علينا فأصبحنا بلا أرض، لذلك علينا أن نحافظ على الأرض والتاريخ، فأنا أعشق التاريخ ومنزلي في البلدة القديمة لا يقدر بثمن، وأنا أجد في أولادي وأحفادي حبًّا للمكان، وهذا يثلج صدري".