فلسطين أون لاين

​استقالة ليبرمان.. التعبير الأوضح عن "حرب الكل في الكل"

لم تأتِ استقالة وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان قبل ساعات مفاجِئةً، بل تعود أسبابها ودوافعها لأشهر سابقة، ومنذ اندلاع مسيرات العودة في مارس، سواء خلافاته مع رئيسه بنيامين نتنياهو، أو مع قادة الجيش وأجهزة الأمن.

بدأ مسلسل تبادل الاتهامات بين ليبرمان والساسة والعسكر في إسرائيل، حول الفشل في إدارة أزمة غزة، والعجز في معالجة تهديد المسيرات، ولذلك عبرت استقالته عن الجديد في جولة التصعيد الأخيرة في غزة، حين كشفت جدية الخلافات الكبيرة في حكومة نتنياهو، إلى حّد نشوب "حرب الكل في الكل" بين الوزراء، وهذا السجال لم يقتصر على أقطاب المستوى السياسي فحسب، بل امتد لتبادل الاتهامات بين الجيش وحكومته، وتُوِّجت باستقالة ليبرمان، حول أسباب الفشل في غزة.

وصلت الخلافات ذروتها في قول ليبرمان إن العمليات العسكرية الأخيرة في غزة لم تحقق أهدافها، وخلق شكوكاً لديه حول مدى جدية رئيس الحكومة والجيش، مع أنهم يعتقدون أن مهاجمة قادة المقاومة في غزة من الجو عبر الاغتيالات لن يدفعهم لرفع الراية البيضاء، أو إعلان الاستسلام.

ليبرمان، وفقا لما جاء في مضمون خطاب استقالته، تمنى أن يتم استنساخ ونقل نماذج أخرى في المنطقة إلى غزة، بحيث تمضي سنوات طويلة بعد أي حرب قادمة تنعم خلالها الجبهة الداخلية بمدة زمنية طويلة من الهدوء.

ذرائع ليبرمان في استقالته تتوزع على المستويين السياسي والعسكري، وعناوينها البارزة: العجز عن حسم المعركة مع حماس، وإعادة الهدوء للجنوب، وازدياد خسائر الجيش، وعدم إخضاعه للقطاع، والثمن الباهظ الذي تكبدته تل أبيب على مستوى المنطقة حين يراها أعداؤها تفشل أمام مقاومة محاصرة في غزة.

تجدر الإشارة هنا إلى أن الأحاديث المتواترة التي دأب على إصدارها ليبرمان حاجته لأيام قليلة لاحتلال غزة، وتقويض سلطة حماس، إذا حصل على ضوء أخضر من الحكومة، أثارت غضباً شديداً في أوساط الجيش، ووصفه كبار الجنرالات بأنه "مضلل".

تمنى ليبرمان، وما حقق أمنيته، كونه الجندي الأول في الدولة، باعتباره وزير الحرب، أن يخرج بعد الجولة الأخيرة ليتحدث عن تحقيق إنجازات هائلة بتوجيه الضربة القاضية للمقاومة، وتوفّر مؤشرات الانكسار للعدو، لكن المقاومة ورجالها واصلوا التحكم بقواتهم، وإطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية، والهجوم على قوات الجيش حتى الساعات الأخيرة من المواجهة، وبذلك حققت "التعادل الإستراتيجي" مع الاحتلال، فكشفت مواضع خلل مقلقة في أدائه، مقابل مواطن القوة التي تمتّعت بها.