فلسطين أون لاين

​تشمل الأفراد والمؤسّسات

التكاتف عنوان حماية الجبهة الداخلية الفلسطينية بالأزمات

...
غزة - مريم الشوبكي

من بين نيران الصواريخ وركام المباني، يظهر التكاتف والتعاضد بين المجتمع الغزي بأبهى صوره، وهو يعيش جولات تصعيد لم تهدأ، ففتحت البيوت لتؤوي عائلات هربت من مرمى صواريخ وقذائف الاحتلال في المناطق الحدودية، وبيوت أخرى فتحت لتستقبل عائلات شردت بعد أن أصبحت منازلها أثرًا بعد عين.

فوبيا التصعيد

مع اشتداد جولة التصعيد الإسرائيلي الحالية، انتقل أطفال عائلة الغرة ووشاح والحلو والفالوجي الذين يقطنون المنطقة الحدودية شرقي مدينة غزة، إلى بيت أخيهم "ظريف الغرة" للاحتماء به لبعده عن الحدود والمواقع العسكرية.

يتحدث الغرة لـ"فلسطين": "التكافل ومساعدة الآخرين يتجلّى في أوقات الأزمات والخطر، وهذا هو الواجب على أي إنسان أن يقدم كل ما يستطيع في سبيل مساعدة أبناء شعبنا ضد الهجمة الصهيونية، وتوفير كل أنواع الراحة والدعم النفسي والاجتماعي لهم"، فهذا هو الواجب في حماية الجبهة الداخلية.

ويضيف: "في عدوان الاحتلال الإسرائيلي عام 2014م قصف بيتا أختيّ اللتين تسكنان شرقي مدينة غزة وآويتهم في بيتي، وفي جولة التصعيد الحالية الشرسة لجأتا إليّ، حيث أسكن في بيت متواضع مكون من غرفتين وصالة يسكنه 25 فردًا حاليًا".

ويشير الغرة إلى أن أخواته وأولادهن أصبح لديهم "فوبيا" من صواريخ الاحتلال وجولاته التصعيدية، ومباشرة يهربون من بيوتهم ويلجؤون إلى مكان أكثر أمنًا نوعًا ما، حتى تهدأ الأمور.

آمان نفسي

ويبين أن الأطفال يكونون في حالة ذعر، لذا يحاول التخفيف عنهم نفسيًا، بإلهائهم بمشاهدة أفلام الكرتون واللعب، محاولاً إبعادهم قدر الإمكان عن صور ومشاهد وأصوات القصف.

ويؤكد الغرة أن اللمة والجمعة تعطيان إيحاءً بالأمان، وتهدّئ من روع القلوب الخائفة، وتجعلها أكثر قدرة على التماسك النفسي.

ويلفت إلى أن الأيام الصعبة الحالية يجب أن يمتثل الفلسطينيين لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، حينما قال (المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص؛ يشد بعضه بعضًا)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

حماية المقاومة

أما إيناس أبو جراد فترى أن التكاتف والتعاضد في جولات التصعيد ووقت الحروب، ضرورة للحفاظ على الجبهة الداخلية لتكون أكثر قوة لحماية مشروع المقاومة.

وتوضح أبو جراد لـ "فلسطين" أن التكافل يكون بمساعدة المقتدر لمن لا قدرة له، لأن الشعب الفلسطيني أمام عدو صهيوني لا يفرق بين أحد ويشن هجمة شرسة تطال الجميع، ولذلك يجب ألا ندعه ينفرد بأي فلسطيني.

السلامة ومنع الشائعات

ومن جهته يبين الاختصاصي النفسي زهير ملاخة أنه في ظل الأزمات والحروب يجب التحلي والعمل بمجموعة من القيم للحفاظ على سلامة الأفراد والجماعات، منها التعاضد النفسي بنشر وتعزيز الجانب الإيماني والديني وكيفية التعامل مع الأزمات والابتلاءات والصبر عليها.

ويوضح ملاخة لـ "فلسطين" أن السلامة المعنوية وخلوها من الشوائب تأتي بمنع الشائعات، وعدم خلقها وترويجها والانجرار إليها، وتشكيل حالة دفاعية لقطع الطريق أمام أي نيل للمعنويات سواء كانت مخططة أو مدروسة أو عفوية ناتجة عن صفات وردود وأفعال.

ويشير إلى أن الوحدة والتماسك المجتمعي بنشر وتعزيز معاني الألفة والتعاضد والمحبة، والتقارب النفسي والاجتماعي والاقتصادي لتعزيز صمود وصبر وسلامة المجتمع.

ويلفت الاختصاصي النفسي إلى أن التكاتف الاجتماعي يكون بالالتزام بالدور والواجب المنوط بكل شخص ومؤسسة وجهة، حتى لا يكون هناك فوضى أو تقصير أو فراغ، فالفرد عليه أن يصبر ويحسن التعامل مع عائلته ومحيطه ويلزم بقيم الخير والابتعاد عن كل ما يعكر صفوه وصفو الآخرين، بالإضافة الى التقارب الإنساني بالمساعدة المعنوية والمادية وتشكيل حصن له ولمن حوله.

تعزيز الصمود

أما على صعيد الجماعات والمؤسسات، يرى أنها مسؤولة عن التوجيه والإرشاد والتنويه وتقديم كل وسائل الوقاية، بالإضافة لتعزيز الصمود المعنوي والمادي حتى لا يكون هناك فوضى وجهل أو ضعف في أي جانب.

وينبه ملاخة إلى أن التخطيط والتحضير المسبق لكيفية إدارة شؤون الحياة بكل الجوانب الصحية والتعليمية والاجتماعية وشؤون الحياة أجمع، أمر مهم يساهم في تماسك المجتمع.

وعن أثر هذا التكاتف على المجتمع، يؤكد أنه يجعل المجتمع ينعم بحالة من التماسك وعدم التشتت، وتدني معالم الخوف والقلق الزائد، بالإضافة إلى رفع المعنويات والتضحية من أجل المبادئ الأساسية، ويتعافى المجتمع بأفراده ومؤسساته من أي سوء أو فوضى وتتجلى صور الانضباط وحسن الأخلاق لتمر الأزمة بأقل خسائر نفسية ومادية.