ثلاثة أحداث رياضية إسرائيلية في عشرة أيام في دول ما وراء البحار، تضج بالدلالات السياسية أكثر من إشاراتها الرياضية البحتة، في ظل المواقع الجغرافية التي شهدتها، وردود الفعل التي أسفرت عنها.
الحدث الأول حصل في أبو ظبي، حين وصل فريق الجودو الإسرائيلي، وعلى رأسه وزيرة الرياضة الليكودية ميري ريغيف، ذات السجل العنصري مع الفلسطينيين، وقد استُقبِلَت بالنشيد الوطني الإسرائيلي "هاتكفاه".
"ريغيف" التي شبهت أذان المسلمين في مساجدهم بـ"نباح الكلاب"، وارتدت فستانا عليه صورة قبة الصخرة، ووجهت اتهامات عنصرية ضد العرب، تستقبل في هذه الفعالية الرياضية بحفاوة لم تنعم بها داخل فلسطين المحتلة، في حين يعايرها زملاؤها في الكنيست بأنها ترقت في صفوف الجيش عبر "طريق معيبة بحقها"!
الحدث الرياضي الثاني حصل في الدوحة، حين وصل فريق الجمباز الإسرائيلي للمشاركة بفعالية رياضية دولية، وسط حفاوة رسمية، وسط ردود فعل محلية وإعلامية رافضة، لكن يبدو أن السياسة القطرية تفوق مصالحها في استقبال الوفد الإسرائيلي اهتمامها بردود الفعل المحلية المعارضة.
الحدث الرياضي الثالث حصل في إسبانيا، حين رفضت أوساط شعبية إقامة مباراة لكرة الماء بين فريقين إسباني وإسرائيلي للنساء، بسبب ضغوط حركة المقاطعة العالمية، وبعد أخذ ورد، أُجريت المباراة بين الفريقين دون جمهور، إثر احتجاجات مؤيدين للفلسطينيين على تنظيمها في إسبانيا.
هذه الأحداث الثلاثة لا تقتصر على معانٍ رياضية بحتة، لكن مدلولاتها السياسية غاية في الوضوح، أولها أنه حين تُستقبل وفود رياضية إسرائيلية في عواصم عربية، وسط تغطية رسمية، ومراسم من جهات عليا، فهذا يعني الوقوف ضد المزاج الشعبي داخل تلك الدول، وأنها لا تلقي بالًا لما يبثه نبض الشارع لديها.
ثاني الدلالات السياسية لهذه الفعاليات الرياضية يتمثل بأن الرأي العام في الدول الأوروبية، ونحن أمام إسبانيا في هذه الحالة، أجبرها على إجراء تغيير قسري في فعالياتها الرياضية، مع أن مدريد تربطها علاقات وثيقة بتل أبيب، لكنها لم تتجاوز جمهورها الرافض لها، وهنا يأتي احترام الرأي العام، وتقدير النبض الشعبي.
الدلالة الثالثة تشير إلى أن التطبيع العربي الإسرائيلي، وصولا لما قد يتحول إلى اتفاقات سلام، سيبقى في الإطار الرسمي والحكومي، ولن تنجح تلك الحكومات في ترويض شعوبها العربية، أو إجراء غسيل دماغ لها، لتغيير قناعاتها.
أخيراً.. إن المحاولات الإسرائيلية لاختراق العواصم العربية من بوابات الرياضة، ستبقى أمام حالة من الرفض الشعبي لها، ولو استُقبلت الوفود الإسرائيلية على السجاد الأحمر، وخُصصت فرق أمنية كاملة لحراستها، لكنها (إسرائيل) بنظر العرب، كيان منبوذ، كان وما زال، وسيبقى كذلك!