تابع الإسرائيليون، كما كل العالم، الانتخابات النصفية الأمريكية التي أعلنت نتائجها في الساعات الماضية، في ظل نتائجها الجديدة، التي قد تشكل انقلابًا جديًّا في موازين القوى السياسية والدستورية في الولايات المتحدة الأمريكية، بإعلان فوز الديمقراطيين في مجلس النواب، وخسارة الجمهوريين له، مما قد يضع المزيد من العراقيل أمام الرئيس ترمب في تطبيق برامجه السياسية الداخلية والخارجية.
يعتقد الإسرائيليون أن عودة الديمقراطيين بقوة إلى مجلس النواب يعني أنهم سيشكلون عقبة كأداء في طريق السياسات الخارجية التي يطبقها الجمهوريون، وهم يقفون على يمين اليمين الإسرائيلي، برئاسة ترمب، لا سيما في قضايا الشرق الأوسط، وعلى رأسها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والملف الإيراني.
لن يقع كاتب السطور في وهم أن الديمقراطيين الأمريكيين هم رسل المحبة والسلام، وأنهم أعداء إسرائيل، لكن الهدايا المجانية التي منحها ترمب لإسرائيل، تجعلها تتشبث به، ولا تفرط فيه، ولا ترى بديلا عنه، ما يعني أن هزيمة ترمب لم تقع بردا وسلاما على تل أبيب.
يراجع الإسرائيليون في الساعات الأخيرة ما يعدونه كشف حساب لترمب خلال عاميه الأولين في البيت الأبيض، وقد أعلن خلالهما قرارات تاريخية لم يجرؤ رئيس أمريكي جمهوري على تبنيها، فما بالنا بالديمقراطيين، سواء ما يتعلق بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، مرورا بنقل سفارة بلاده إليها، وصولا إلى الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، تحضيرا لصفقة القرن، التي سيطوي من خلالها الصراع العربي الإسرائيلي مرة واحدة وإلى الأبد، أو هكذا يظن!
البشائر السيئة التي وصلت تل أبيب من نتائج الانتخابات النصفية الأمريكية مردها إلى أن يقف الديمقراطيون في قادم الأيام في النصف الثاني من ولاية ترمب على كل صغيرة وكبيرة، ويحشروه في الزاوية في ملفات داخلية، خاصة ما يتعلق منها بقضايا الفساد وعدم الأهلية لاستمراره بمنصب الرئاسة، وهو ما قد يجعله منشغلا بإنقاذ نفسه من المطبات التي تنتظره، ويتراجع حماسه لقضايا المنطقة المشار إليها أعلاه.
جرت العادة في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية أن يسرع الرئيس الأمريكي في النصف الثاني من ولايته الرئاسية من خطواته المتقاربة مع إسرائيل، طمعاً في الحصول على دعم اللوبي الصهيوني داخل واشنطن، ورغبة منه بأن يفضلوه على أي مرشح ديمقراطي، والأهم طمعاً منه بأن يحظى بولاية رئاسية ثانية.
لكن ما حصل مع ترمب يبدو أنه يختلف عما سبقه، فقد قدم الرجل بين يدي منتصف ولايته الأولى ما لم تحلم به إسرائيل، ومن يعلم فربما كان بحوزته المزيد المزيد، لكن فوز الديمقراطيين كأنه شكل له ولإسرائيل جملة اعتراضية في منتصف الطريق، الأيام القادمة وحدها كفيلة بأن تكشف عن تبعاتها ونتائجها على صعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والملف الإيراني.