خلص تقرير لمعهد دراسات الأمن القومي لتعامل إسرائيل مع حركة حماس إلى نتيجة أن تل أبيب اعتمدت سيناريو جديدا يستبعد الحرب كما يستبعد اعترافا كاملا بحركة حماس في غزة كأمر واقع، على أن يكون هناك اعتراف جزئي وتعامل وفق ضوابط ومحاذير، مع المضي قدما في سياسة الإضعاف المتدرج لنفوذ الحركة وقدراتها، وهذا حسب ما قاله محلل سياسي معروف.
يمكن للعدو أن يضع ما يشاء من السيناريوهات والمخططات، ولكن ما دام لا يستطيع تنفيذ ما يريد بالقوة فإن الطرف الآخر -وهو حركة حماس والمقاومة الفلسطينية في غزة- له دور أساس في إفشال مخططاته، وحسب ما نرى كيف تجري الأمور فإن المقاومة تتعامل بحذر غير مسبوق مع العدو، فهي لا تعطي كل شيء مقابل وعود، بل تعطي بما يتناسب مع ما تأخذه، ومن يتعامل بهذه الطريقة ستبقى خياراته مفتوحة وأوراق الضغط بيده.
كذب من قال إن المساعدات البسيطة التي أعلن عنها أول من أمس كانت مقابل تهدئة، أو أنها ثمن لدماء شهداء مسيرات العودة الكبرى، العيب كل العيب على من يتاجر بدماء الشهداء بهذه الصورة القبيحة، كما أن التهدئة لم يبدأ تنفيذها بعد، والمسيرات ستستمر وإن بوتيرة أخف انتظارا لرفع الحصار عن قطاع غزة كليا، وأنا هنا أؤكد أن الحصار قد اقتربت نهايته حتى لو تعطل قليلا لسبب أو لآخر لأننا نتوقع أن تكون هناك محاولات كثيرة لإفشال جهود رفع الحصار عن قطاع غزة.
التهدئة لن تكون على حساب المقاومة، ولن يكون هناك أي تعهدات من جانب المقاومة بتسليم سلاحها أو هدم أنفاقها، ولذلك من يعتقد أن إسرائيل ستنجح في الإضعاف التدريجي لحماس فهو لا يعرف عما يتحدث، ولا يعرف غزة وفصائلها ومقاومتها، أو أن نفسه لا تطاوعه علىالاعتراف بانتصار المقاومة ومسيرات العودة الكبرى، فمثل هؤلاء ما زالوا يعتقدون أن الجيش الإسرائيلي لا يقهر، ولكن المقاومة في غزة قهرته وأجبرته على فعل ما لم يكن يفكر بفعله يوما من الأيام.
وأختم بالتأكيد أن التهدئة إن تمت بنجاح ستكون مفتاحا لمصالحة إجبارية، وحكومة وحدة وطنية، ثم سيكتشف الجميع أنه لا أحد يسعى إلى فصل غزة عن الضفة، ولا يمكن للعدو الإسرائيلي السماح لحركات المقاومة بالاستفراد بقطاع غزة ما لم يكن محاصرا.