فلسطين أون لاين

الضفة الغربية.. ساحة الصراع التي يجب ألّا تهدأ

توقعت هذه السطور قبل أسابيع أن تشهد الضفة الغربية اندلاع موجة توترات أمنية مع الاحتلال الإسرائيلي، لأسباب موضوعية وذاتية، تخص تركيبة الضفة الجغرافية، وزيادة انتهاكات المستوطنين، وتراجع السلطة الفلسطينية.

آخر تقديرات هذا الموقف، ما كشفه نداف أرغمان رئيس جهاز الأمن الإسرائيلي العام "الشاباك"، عن عدد الهجمات أو العمليات التي نجح بإحباطها في الضفة الغربية، مؤكدًا أن الوضع في الضفة الغربية "يغلي، والصمت مضلل"، زاعما إحباط 480 هجوما، وكشف 219 خلية تابعة لحركة حماس هذا العام، واعتقال قرابة ستمائة فلسطيني.

وأضاف أرغمان خلال استعراض أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، أن "الوضع في أراضي السلطة الفلسطينية غير مستقر للغاية، ولذلك فإن الوضع في الضفة الغربية معقد، والهدوء خادع، رغم أننا يمكن أن نراقب فوق السطح الهدوء النسبي، لكن تحت السطح الوضع مليء بالفقاعات"، وفق تعبيره.

لم يأتِ أرغمان بجديد في هذا الاستعراض باستثناء لغة الأرقام والمعطيات الإحصائية، لكن هناك توافق واضح بين مختلف الأوساط الفلسطينية والإسرائيلية، على أن الضفة الغربية باتت برميل بارود يوشك أن ينفجر عند أي فرصة قد تلوح في الأفق.

يعتقد الإسرائيليون، وتزداد قناعاتهم، أن المنظمات الفلسطينية تواصل بذل جهود حثيثة مستميتة، لاستعادة زمام المبادرة في الضفة الغربية، خاصة وأن الوضع الأمني فيها يشهد تراجعات فلسطينية: سياسية وأمنية، في ظل انسداد أفق أي مفاوضات سياسية، ورغبة إسرائيلية بفرض سياسة الأمر الواقع على الفلسطينيين.

الوضع الأمني في الضفة ليس سهلا على الإطلاق، والجهود الأمنية المضادة للقوى الفلسطينية الساعية لتنفيذ عمليات المقاومة يتواصل دون توقف، فلسطينيًا كان أو إسرائيليًا، وما كشفه "أرغمان" عن إحباط الخلايا المسلحة واعتقال المقاومين، لم يفصل فيه، من حيث الجهة التي قامت بذلك، فلسطينية كانت أو إسرائيلية، لكن التنسيق الأمني المتواصل رغم جمود المفاوضات يلعب الدور الكبير في هذه الجهود المضادة للمقاومة، الأمر الذي ليس له تفسير إلى هذا الحد.

يعمل المقاومون الفلسطينيون في بيئة معادية كليًا في الضفة الغربية، على الأقل في جانبها الرسمي، رغم وجود حاضنة شعبية تتفاوت في دعمها لهذه المقاومة، ولعل بقاء المقاوم أشرف نعالوة منفذ عملية سلفيت الشهر الماضي، حرًا طليقًا حتى كتابة هذه السطور، خير مثال على ذلك.

الضفة الغربية هي ساحة الصراع الحقيقية بين الفلسطينيين والاحتلال، كانت وستبقى، هناك المواجهة اليومية والاحتكاك اللحظي والتداخل الجغرافي، وهناك يجب أن يدفع الاحتلال ثمن احتلاله، رغم العوامل المضادة التي تعمل عكس التيار المقاوم، لكن طي صفحة الضفة من سجل المقاومة، لاعتبارات شتى، يعني التسليم بما يريده الاحتلال، وإنهاء هذا الصراع بما يريده هو، وليس بما يسعى إليه أصحاب الأرض الأصليين، وهذا ما يجب ألّا يكون!