عدّ خبراء فلسطينيون أن توجّه سلطات الاحتلال لتعزيز ما يسمى "الإدارة المدنية"، وتوسيع صلاحياتها، خطوة لإحكام السيطرة الإسرائيلية على بقية مناطق الضفة الغربية المحتلة، وتحمل رسالة سياسية للسلطة الفلسطينية برام الله.
وأفادت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، بأن اللجنة الفرعية في "الكنسيت" لشؤون الضفة الغربية، ناقشت خطة لزيادة الكوادر البشرية العاملة في "الإدارة المدنية"، تمهيدًا لمضاعفة مهامها وتوسيع حدود صلاحيتها، حيث تتولى المسؤولية عن إدارة العديد من جوانب حياة المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية.
ورأى المختص في الشأن الإسرائيلي علاء خضر، أن الاحتلال يسعى من خلال ذلك إلى تقوية "الوضع القانوني" للمستوطنات التي أقيمت على أراضي 67 المحتلة.
وقال في حديث لصحيفة "فلسطين": "من الملاحظ خلال الآونة الأخيرة، اتخاذ الاحتلال عدة قرارات وقوانين من شأنها تقوية الإدارة العسكرية الإسرائيلية للضفة، والتي تسمى تجاوزًا مدنية".
مرحلة ما بعد السلطة
وأوضح أن الاحتلال يوجه بهذه الإجراءات رسالة تهديد لقيادة السلطة الفلسطينية بجهوزيته لإحكام السيطرة على مناطق الضفة الغربية كافة إن قررت (إسرائيل) حل السلطة أو قررت السلطة حل ذاتها"، وفق تقديره.
وأكد خضر أن الاحتلال على جهوزية تامة لحكم المناطق الفلسطينية من جديد، بعودة الضفة للشكل الإداري الذي كانت عليه قبل إنشاء السلطة الفلسطينية عام 1993، لافتًا إلى أن ذلك جزء من رؤيته لأي حل سياسي مقبل، وأن التشريعات والقوانين المتطلبة من أجل قيادة المرحلة القادمة ستكون جاهزة.
وتطرق خضر إلى المشاريع التي قدمتها الأحزاب اليمينية من أجل ضم المستوطنات الإسرائيلية الواقعة في الأراضي المحتلة عام 1967 لـ(إسرائيل)، الأمر الذي يتطلب "إجراءات قانونية" وليس قرارًا سياسيًا فقط، منبهًا إلى أن من ضمن تلك الإجراءات تحويل المستوطنات إلى بلدات استيطانية، وإجراء انتخابات محلية فيها، بمعنى أنها ستكون كأي مجلس محلي إسرائيلي.
وبيّن أن اليمين الإسرائيلي أقدم على هذه الإجراءات من أجل تقوية "الوضع القانوني" للمستوطنات الموجودة في الضفة الغربية.
ولفت إلى أن أحد المقترحات اليمينية يقضي بضم الأرض دون السكان، بمعنى أن تكون أراضي الضفة كاملة تابعة "للسيادة الإسرائيلية"، ويُوزَّع السكان الفلسطينيون على ثلاثة كنتونات ويحكمهم كيان سياسي محدد، سواء من خلال السلطة، أو حكم ذاتي، أو حكم كونفدرالي مع الأردن، شرط أن تبقى السيطرة على الأرض للاحتلال دون تحمّل تبعات هؤلاء السكان من صحة وتعليم وغيرها.
احتلال دون تكلفة
من جانبه رأى الباحث السياسي حسن أبو شمالة أن توجهات الكنيست تنطوي على تجاوز لدور السلطة السياسي، والإبقاء عليها كقوة أمنية تمنع احتكاك الفلسطينيين مع الاحتلال.
وأوضح أبو شمالة لـ"فلسطين" أن ذلك يعني نزع أي صبغة سياسية لمشروع السلطة السياسي الذي يتضمن إقامة دولة فلسطينية على حدود 67، الذي يعد أهم الأسس التي نشأت عليها السلطة.
وأكد أن ذلك يعني انتهاء مشروع السلطة السياسي كاملًا، واقتصار مهمتها على تقديم خدمات مدنية للمواطنين الفلسطينيين وحفظ الأمن.
ونبه أبو شمالة إلى أن ذلك يوصل إلى "احتلال بلا تكلفة سياسية أو أمنية"، بخلاف الوضع الطبيعي لأي احتلال سجل في صفحات التاريخ، حيث تتحمل السلطات القائمة بالاحتلال تبعات المواطنين الذين وقعوا تحت احتلالها، عدا عن الاحتكاك المباشر معهم، والذي يترتب عليه انتفاضات وهبات شعبية.
من جهته، قال المختص في الشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش، إن الخطة التي يناقشها "الكنيست" جزء من سياسة حكومة الاحتلال القائمة على إلغاء "حل الدولتين" وتقليص صلاحيات السلطة الفلسطينية.
وأوضح أن مهام وصلاحيات "الإدارة المدنية" توسعت فعلياً خلال المدّة الماضية، مشيراً إلى أن منسق حكومة الاحتلال السابق "يوآف مردخاي"، والحالي "كميل أبو ركون" يطلان على الجمهور الفلسطيني من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ويجيبان عن تساؤلات المواطنين الفلسطينيين بشأن المسائل الإدارية ذات الصلة بشؤون حياتهم.
ويُذكر أن دائرة "الإدارة المدنية" هي "هيئة حكم"، تأسست عام 1981م تحت إشراف جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهي الجهة المسئولة عن تطبيق السياسة المدنيّة والأمنيّة، وتعد الذراع التنفيذية لقيادة جيش الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة.
وتملك تلك الإدارة صلاحيات عديدة، أبرزها هدم المنشآت والبنى التحتية الفلسطينية وتشجيع الاستيطان وإصدار تصاريح العبور والعمل في القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48.