فلسطين أون لاين

غزة مجددًا.. خارج الحسابات الإسرائيلية بعيدة المدى

قد لا يكون العنوان أعلاه جديدا على من يعرف الحسابات السياسية والعسكرية الإسرائيلية، في ظل القناعات التي تتزايد يوما بعد يوم، وكان آخرها ما تناولناه في هذه السطور يوم أمس حول وجود توجهات إسرائيلية لإعلان فرض السيادة على الضفة الغربية.

لعل ما يزيد من جدية هذا العنوان ما أعلنه معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب أوائل أكتوبر الجاري بشأن تصوره لخطة عمل إسرائيل للفترة القادمة كبديل عن حالة الانسداد السياسي القائم مع الفلسطينيين، بهدف منع تدهور ميداني يوصلها لحالة الدولة الواحدة، من خلال إيجاد واقع ميداني يوفر لها خيارا مستقبليا يخلصها من استمرار سيطرتها على الفلسطينيين في الضفة الغربية، وضمان أغلبية يهودية.

الخطة التي لخصها كبار باحثي المعهد، برئاسة الجنرالين عاموس يادلين رئيس المعهد والرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية "أمان" وأودي ديكل المفاوض الإسرائيلي المخضرم، تعتبر نتيجة مشروع بحثي كبير لفترة طويلة بمشاركة نخبة من كبار الباحثين الذين وضعوا جملة بدائل، واختاروا أكثرها استقرارا تجعل إسرائيل قادرة على التصدي لتحديات المستقبل بصورة أفضل، وتحافظ على مصالحها الأمنية.

تركز العنصر الأساسي بنجاح الخطة بالانفصال عن الفلسطينيين سياسيا وجغرافيا وديموغرافيا، لكن اللافت أن المشروع يستثني قطاع غزة، مما يعني إبقاءها بمعزل عن الضفة الغربية، حيث تشعبت الخطة في الحديث عن مستقبل السلطة الفلسطينية هناك، في حين أنه أغفل "عن سابق إصرار وتعمد" الحديث عن غزة، لا سلبا ولا إيجابا.

الباحثون الإسرائيليون الذين أشرفوا على هذه الخطة، لا شك أنهم استعانوا بما لدى دوائر صنع القرار في تل أبيب من توجهات ومشاريع سياسية تجعل التصور النهائي والمستقبلي الإسرائيلي لهذه البقعة الجغرافية المسماة غزة، خارج الحسابات الإسرائيلية، سواء بإبقائها في حالة انقسام عن الضفة الغربية، أو تسليمها تحت الرعاية المصرية، أو الموافقة على إقامة كيان ما فيها، بغض النظر عن مسماه.

هذا لا يعني أن الطريق معبدة لنجاح مثل هذه التوجهات الإسرائيلية في غزة، لأن الأمر مرهون أيضا في التوجهات السياسية الفلسطينية، ولعلي لا أكشف سراً إن قلت إن جمود الحالة الفلسطينية الداخلية، وعدم إحداث حراك فيها، قد يعتبر دفعاً غير مباشر للخطة الإسرائيلية إلى الأمام.

أثبتت كثير من التجارب الفلسطينية مع الإسرائيليين أن مثل هذه المشاريع والخطط التي يتم إنضاجها في مراكز البحث ومخازن التفكير، سرعان ما يتم تبنيها من قبل الحكومة الإسرائيلية، ولو بعد حين، حصل هذا في الانفصال عن غزة قبل أكثر من عقد من الزمن، فهل يتكرر اليوم؟!