فلسطين أون لاين

​إسرائيل والمجلس المركزي: حناجر عالية وتأثير منخفض!

تراقب إسرائيل، كما سواها من الأطراف، مجريات اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني الذي تشهده مدينة رام الله هذه الأيام، وسط مقاطعة واسعة من غالبية الفصائل الفلسطينية، كون بعض قراراته، أو توصياته غير الملزمة على الأقل، ستكون ذات علاقة مباشرة بمستقبل العلاقة مع إسرائيل: أمنيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا.

يدرك الإسرائيليون أنه بِغضِّ النظر عن مشروعية مثل هذه الاجتماعات التي تفتقد للتوافق الوطني الفلسطيني، لكنها تشهد حالة من الغضب الداخلي من قبل أعضاء المجلس المركزي، في غالبيتهم على الأقل، تجاه الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، والتنصل القائم من الاتفاقيات السياسية، أو ما تبقى منها.

الجهات الأمنية الإسرائيلية تعلم أن هذه الاجتماعات المجالس المركزية والوطنية، شهدت في سنوات سابقة صدور العديد من الدعوات والمطالبات الموجهة للقيادة الفلسطينية ممثلة باللجنة التنفيذية والرئيس محمود عباس شخصيًّا، بأن يعلن إلغاء المرحلة الانتقالية مع إسرائيل، وعدم الالتزام بالنصوص الموقع عليها من جانب واحد، وإمكانية أن يتم تجميد بعضها، بانتظار حدوث تطورات سياسية أو تفاوضية، كما تسعى السلطة لذلك.

تمتلك الأوساط الإسرائيلية من المعلومات الشيء الكثير الذي يجعلها واثقة بأن القرار الفلسطيني موجود فقط في جيب أبي مازن، بعيدا عن المسميات القائمة من اللجان التنفيذية والمركزية التي اختزلها في شخصه، ولا تقر أمرا إلا بأمره، ولا تنفذ توصية إلا بإشارة من إصبعه.

هنا يمكن تفسير الزيارة الخاطفة التي كشفت عنها إسرائيل لرئيس جهاز الأمن العام الشاباك "نداف أرغمان" إلى رام الله قبل أيام، ولقائه بعباس، وتمركز الحديث حول مخرجات المجلس المركزي المتوقعة، وفي ظل العلاقة الشخصية "الوثيقة" التي تربط الرجلين من خلال لقاءاتهما العديدة، فقد حاول الضيف الإسرائيلي إقناع مضيفه الفلسطيني ألا يذهب بعيدا في قرارات اجتماع المجلس المركزي فيما يخص العلاقة مع إسرائيل.

قد لا يكون أبو مازن بحاجة لمثل هذا الإقناع الإسرائيلي، المغلف بتهديد ضمني، لأنه يعلم أكثر من سواه، أن معيار بقائه الحقيقي والجدي رئيسا لهذه السلطة مرهون بقرار إسرائيلي، إسرائيل هي من تحمي السلطة الفلسطينية، كما أن الأخيرة هي من تحمي المستوطنين القتلة في الضفة الغربية، وهنا نشأت المصلحة المتبادلة.

بعيدا عن التخمينات والتكهنات، ولعلي أكون مخطئاً هذه المرة، فلن تُمس إسرائيل بأذى من القرارات التي تمت صياغة مسوداتها في مقر المقاطعة، وقد تعلن في الساعات القادمة، باستثناء بعض المطالبات ذات الحنجرة العالية والتأثير المنخفض، وهو ما عودتنا عليه الاجتماعات الدورية الفلسطينية طوال السنوات الماضية.. وهنا بإمكان إسرائيل أن تمتثل قول الشاعر "أبشر بطول سلامة يا مربع".