فلسطين أون لاين

​أبو تيم هيَّأ الريحان وأوصى برشِّه على نعشه

...
تصوير / رمضان الأغا
غزة - صفاء عاشور

كما أوصى تمامًا، نعشٌ مزيَّن بأغصان الريحان التي هيَّأها قبل يوم من استشهاده، تتزاحم مع أوراق الورد الزهري والبرتقالي لتصنع لوحة لا أجمل منها لتزيين نعش الشهيد "نصار أبو تيم" (19 عامًا)، الذي استشهد في أثناء مشاركته في الجمعة الحادية والثلاثين بعنوان (غزة صامدة لن تركع) ضمن فعاليات مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار.

تجلس أمه بجوار النعش بانتظار وصوله من المستشفى، منفذة وصيته التي أوصاها بها قبل يوم من استشهاده، ولسانها لا يتوقف عن الدعاء له بأن يتقبله الله شهيدًا، وأن ينور له قبره كما أنار له دنياه.

أم ثائر أبو تيم تحتسب عند الله أن يكون ابنها "نصار" شهيدًا، وأن تتحقق أمنيته التي كان يدعو الله دائمًا أن يحققها له وهي أن ينال الشهادة، ولأجل ذلك أوصى أمه قبل يوم من استشهاده أن يُكفن بعلم فلسطين وأن ترش أمه على نعشه الورد والريحان.

لسانها لا يتوقف عن الدعاء له، وبين كل كلمة وأخرى؛ يكون هناك دعاء للشهيد نصار أبو تيم من أمه التي تجلى صبرها وإيمانها على مصيبة فقد ابنها، الذي استشهد في إثر إصابته برصاص الاحتلال أول من أمس الجمعة في مخيم العودة شرق محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة.

وعن مشاركته في مسيرات العودة الكبرى قالت أم ثائر: "لم يكن يتوقف عن الحديث عن المشاركة في مسيرات العودة نهائيًا فكانت شغله الشاغل، ولم يستطِع أي أحد أن يوقفه عن الذهاب لمخيمات العودة في خانيونس رغم اعتراضي واعتراض والده في كثير من الأحيان بسبب خوفنا عليه".

وأضافت في حديث لـ"فلسطين": "كان يواجه اعتراضنا دائمًا، ويذهب لمخيمات العودة مع أصدقائه ويقول لي: "أنا مجبور أروح وأشارك وروحي رخيصة فداء للقدس وفلسطين ولحق العودة"، لذلك وجدت أن منعه من المشاركة أمر شبه مستحيل فكنت دائمة الدعاء له بأن ينور الله طريقه وأن يعطيه ما في نفسه من أمنيات".

وبينت أم ثائر أن "نصار" يوم الخميس الماضي جلب لها أغصانًا من الريحان ووضعها في كيس لحفظها، وقال لها: "رشي هذه الأغصان على نعشي مع الورود إذا استشهدت غدًا الجمعة"، كما أوصاها بأن يُلف جسده بعلم فلسطين وليس بعلم أي فصيل من الفصائل.

أما قبل خروجه يوم الجمعة للمشاركة في مسيرة العودة فكانت السعادة حاضرة في نفسه، وفي كلامه، وطريقة حديثه مع من حوله من العائلة، حتى أنه بعد انتهائه من تناول طعام الغداء أخبر أمه أنه سعيد للغاية سعادة لا يعرف مصدرها ولا سببها وأنه يشعر أن اليوم عيد.

وأطلقت الهيئة الوطنية العليا لمخيمات مسيرة العودة وكسر الحصار، على فعاليات الجمعة شعار "جمعة غزة صامدة ولن تركع"، تأكيدًا لتطلعات الشعب الفلسطيني "المشروعة والمحقة في العودة والحرية والاستقلال، وكسر الحصار المفروض على قطاع غزة".

وأصدرت وزارة الصحة بيانًا أول من أمس الجمعة تحدثت فيه عن طبيعة الإصابات التي تعاملت معها الطواقم الطبية للشهداء والجرحى خلال الجمعة الحادية والثلاثين بعنوان (غزة صامدة لن تركع) ضمن فعاليات مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار.

وبينت فيه أن قوات الاحتلال الإسرائيلي استخدمت القوة القاتلة متعمدة لارتكاب مجزرة مع اللحظات الأولى لتجمع المواطنين السلميين في مخيمات العودة شرق قطاع غزة، متابعة: "مما أدى إلى استشهاد خمسة مواطنين، أصيبوا بالرصاص الحي المباشر في الرأس والصدر، إضافة إلى إصابة 232 مواطنًا بجراح بين معقدة وخطيرة بأنواع مختلفة من الرصاص الحي، ومن بين الإصابات 35 طفلًا و4 مسعفين".