كان متوقعًا أن يحظى الجنرال أفيف كوخافي بمنصب الرئيس الجديد لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي خلفًا للجنرال الحالي غادي آيزنكوت الذي ينهي ولايته الممددة أواخر العام الجاري، مع ما يمتلكه من خبرة عسكرية طويلة، وأداء عملياتي بارز، وقبل كل شيء قدرته على إدارة حوار هادئ مع المستوى السياسي.
بعيدًا عن السرد التاريخي للسيرة الذاتية للقائد الجديد للجيش الإسرائيلي، التي بموجبها أعلن وزير الحرب أفيغدور ليبرمان قرار ترشيحه، فإن كوخافي 54 عامًا أتى بعد ثلاثة أشهر من المشاورات، واللقاء بالمرشحين الثلاثة الآخرين: آيال زمير ويائير غولان ونيتسان ألون، حيث يحظى داخل الجيش بالكثير من التقدير، بالنظر للإنجازات التي حققها على مدار السنين، ما يجعله الأكثر ملاءمة ليقود الجيش في السنوات القريبة القادمة.
بدأ كوخافي مسيرته العسكرية في لواء المظليين، وبات لديه خبرة عملية طويلة كمقاتل ميداني في الجبهتين الشمالية والجنوبية، وما زال الجنود يذكرون له المعارك التي قادها في عملية السور الواقي في مخيم بلاطة بمدينة نابلس شمال الضفة الغربية خلال الانتفاضة الثانية عام 2002.
تركزت الخبرة العسكرية لكوخافي في الجبهة الجنوبية حين قاد فرقة غزة خلال أخطر حدثين شهدتهما خلال السنوات الماضية، أولاها الانفصال عن غزة، والانسحاب منها عام 2005، وثانيها اختطاف غلعاد شاليط عام 2006، حيث قاد عملية أمطار الصيف في القطاع، فضلا عن قيادة جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان"، خلال آخر حربين على غزة عامي 2012، 2014، رغم أن انتقادات خرجت من داخل الجيش موجهة إليه تفيد بعدم علمه بأماكن وجود منصات إطلاق الصواريخ لحماس التي أطلقتها على مدار خمسين يوما.
مع العلم أن هذا الإخفاق أثار معارك بين جهازي أمان والشاباك، وتسبب للرجل إحراجًا شديدًا داخل أوساط المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، التي زادت جرعة جديدة عقب عدم توقعه لاندلاع الربيع العربي في 2011.
بالنظر لهذه السيرة الذاتية الطويلة، فإن المهام التي تنتظر كوخافي تتركز في الجبهتين الشمالية مع لبنان وسوريا، والجنوبية مع غزة وسيناء، فضلا عن الضفة الغربية، وهي جبهات استطاع القائد الحالي للجيش آيزنكوت أن يتعامل معها بأقل قدر من الخسائر والانتكاسات، حتى أنه بات يوصف "الكلب الذي يعض ولا ينبح".
من المعلوم بداهة أن الزعيم الناجح يترك أمام خلفه مهام معقدة ومضاعفة، كي يثبت أنه ليس أقل جدارة وكفاءة من سلفه، وهي مسألة قلما ينجح فيها القادة، لأن الناس بالعادة يبدؤون بالمقارنة بين العهدين، السابق واللاحق، وهو ما سيضع أمام كوخافي مسؤولية لا يستهين بها، في ظل منطقة تمور بالتطورات العسكرية والأمنية من جهة، ومستوى سياسي إسرائيلي قد يكون مقبلًا على موسم انتخابي حامي الوطيس.