فصائل: قيادة "م. ت. ف" تراهن على إمكانية العودة للمفاوضات
اتخذ المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، في جلساته الثلاث الماضية، جملة من القرارات على الصعيد السياسي والوطني، جاءت برسم التطورات الملحة، والمسارات العاصفة بالقضية الفلسطينية، غير أن معظمها بقيت مجمدّة وحبيسة الأدراج، رغم الأصوات المطالبة بضرورة تنفيذها.
ومنذ العام 1985 انعقد "المركزي" 29 مرة كان آخرها في أغسطس/ آب الماضي في رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، حيث اتخذ قرارات برفض "صفقة القرن" الأمريكية، والتأكيد على "استمرار" قطع العلاقات السياسية مع الاحتلال لحين تراجع الإدارة الأميركية عن قراراتها غير القانونية، بشأن القدس واللاجئين والاستيطان.
وفي دورته الثامنة والعشرين، في يناير/ كانون الآخر من العام الجاري، قرر "المركزي" تكليف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير تعليق الاعتراف بـ(إسرائيل) "إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود عام 1967" وإلغاء قرار ضم شرقي القدس، إلى جانب الانفكاك من علاقة التبعية الاقتصادية مع الاحتلال التي كرسها اتفاق باريس الاقتصادي.
وفي آذار/مارس 2015، اتخذ "المركزي" في دورته السابعة والعشرين، قرارات منها تحميل الاحتلال مسؤولياته كافة تجاه الشعب الفلسطيني كسلطة احتلال وفقا للقانون الدولي، ووقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة، غير أنّ هذه القرارات لم تنفذ وبقيت عجلة التنسيق الأمني ماضية دون أي تعطيل.
وفي جلسة "المركزي" ذاتها في عام (2015) أوعز للجنة التنفيذية للمنظمة بمتابعة عمل اللجنة الوطنية العليا للمتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية من أجل ملاحقة جرائم الحرب الإسرائيلية ومحاسبة المسؤولين عنها، والاستمرار في حملة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية كشكل من أشكال المقاومة الشعبية، وأبدى تطلعه لعقد مؤتمر دولي "كمظلة" لتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال، وهي قرارات بقيت بعد ثلاث سنوات دون تنفيذ أي منها.
تعليق الاعتراف
عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أسامة الحج أحمد، قال إنّ قرارات "المركزي" التي اتخذت في دوراته الثلاثة الماضية، لم تصل إلى عتبة التنفيذ، نتيجة وجود "فيتو" من القيادة "المتنفذة" في منظمة التحرير.
وأكد الحج أحمد لصحيفة "فلسطين"، أن عدم تنفيذ قرارات "المركزي" وضع الأخير محط تشكيك من الكل الوطني، حيث بات مجلسًا ذا قرارات شكلية، ولم يعد يمثل الكل الفلسطيني لاسيما أن معظم الأحزاب والقوى حتى داخل المنظمة باتت تقاطعه.
ورجح أنّ تبقى قرارات الجلسة القادمة للمجلس على الصعيد السياسي هي الأخرى "حبيسة الأدراج"، مشيرًا إلى أن "المركزي" بات يمثل لونا سياسيًا واحدًا، واختير أعضاؤه وفق مقاس محدد، وتجمعهم صبغة واحدة وهي "الولاء المطلق" لرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير محمود عباس.
وشكك الحج أحمد في إمكانية إصدار "المركزي" أيا من القرارات واجبة التنفيذ المتعلقة بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، أو الوقوف في وجه المؤامرات التي تحاك ضد القضية الفلسطينية، وإنهاء الانقسام.
وينعقد المجلس المركزي يومي الأحد والاثنين القادمين، في رام الله، وسط مقاطعة غالبية الفصائل الفلسطينية.
رهان القيادة
وأرجع عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، طلال أبو ظريفة، عدم تنفيذ قرارات "المركزي" لاستمرار رهان قيادة المنظمة على قناعتها المتمثلة في إمكانية العودة لطاولة المفاوضات مع الاحتلال تحت سقف اتفاق أوسلو، وعدم رغبتها في فك الارتباط في الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية مع الاحتلال.
وأوضح أبو ظريفة لـ"فلسطين"، أن قيادة منظمة التحرير تدرك جيدا أن تنفيذ قرارات "المركزي" يدخلها في حالة اشتباك مع الاحتلال، ويتعارض مع المنهج الذي تعتمده السلطة المهادن ظنا منها أنه المخرج من الحالة السياسية الحالية.
ونبه إلى أن مقاطعة الجبهة الديمقراطية للدورة الماضية من المجلس، نتيجة عدم وضع قراراته موضع التطبيق، مؤكدًا أن المؤشرات لا تشير البتة إلى جدية السلطة في فك الارتباط مع الاحتلال وسحب الاعتراف به، ووقف العلاقة مع الإدارة الأمريكية، في حال جدد "المركزي" مطالبه بذلك.
وشدد أبو ظريفة على أنه "لا قيمة لأي قرارات جديدة للمركزي، في حال لم تنفذ القرارات السابقة والتي لها علاقة مباشرة بالقضية الوطنية، وإذا كان الحال تشكيل لجنة تنفيذ القرارات فهو يعني عدم تنفيذها".
من ناحيته، أكد القيادي في حركة المبادرة الوطنية، نبيل دياب، أن عدم تطبيق قرارات "المركزي" السابقة، كان أحد أهم الأسباب لعدم مشاركته حركته في الدورة الأخيرة المنعقدة في رام الله.
وذكر دياب لـ"فلسطين"، أن المبادرة توصلت لقناعة تتمثل في عدم وجود نية حقيقية لتنفيذ القرارات الوطنية المهمة المتخذة على طاولة "المركزي" كفك العلاقة مع الاحتلال ووقف التنسيق الأمني، ورفع العقوبات عن قطاع غزة.
وشدد على أن عدم وجود شراكة ووحدة وطنية، ومشاركة من الكل الفلسطيني في اجتماعات المجالس الوطنية من شأنه أن يبقي القرارات المنبثقة عن المجلس القادمة دون تنفيذ.