استعاد الجريح عبد الرحمن نوفل، قدرته على الركض من جديد، لتعود ابتسامته بعدما صادرتها رصاصة إسرائيلية، وغيرت مجرى حياة صاحبها.
ونشر عبد الرحمن على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، مقطع فيديو قصيرا ويظهر فيه وهو يركض داخل مقر إقامته في ولاية "أوهايو" الأمريكية، حيث يتلقى العلاج منذ بضعة أشهر.
وأصيب الطفل برصاصة قناص إسرائيلي أثناء لعبه كرة القدم وأصدقائه شرقي مخيم البريج وسط قطاع غزة.
ولأن الرصاصة كانت من النوع المتفجر، فقد أحدثت تهتكًا شديدًا في العظام والأنسجة في ساقه اليسرى، وتسببت ببترها رغم محاولات الأطباء في غزة والضفة الغربية المحتلة؛ فعل العكس.
وعبد الرحمن، الطفل البالغ من العمر (12 عامًا)، واحدٌ من عشرات آلاف المشاركين في مسيرات العودة وكسر الحصار السلمية الممتدة منذ 30 مارس/آذار الماضي، قرب السياج الفاصل مع الأراضي المحتلة سنة 1948.
وفي 17 نيسان/ إبرايل الماضي، اختار عبد الرحمن لعب كرة القدم في نقطة تجمع المسيرات شرق البريج، مع مجموعة من أصدقائه الأطفال، فباغتته رصاصة أطلقها قناص إسرائيلي يتمركز وراء تلة رملية عالية تقع خلف السياج.
ودخل بعدها الطفل في رحلة علاج بدأت في مستشفى الشفاء بغزة، وانتهت في المستشفى الاستشاري بمدينة رام الله.
وقد تبدلت حياة الطفل بفعل الرصاصة المتفجرة؛ حتى أنه بعد عودته لغزة قادمًا من الضفة الغربية، قررت سلطات الاحتلال منعه من الانتقال مجددًا عبر حاجز بيت حانون (إيرز)، شمال قطاع غزة، إلى ذات المستشفى الاستشاري لإكمال علاجه وتركيب طرف صناعي.
"لقد منع الاحتلال عبد الرحمن من الانتقال للضفة 5 مرات متتالية بحجة أن ساقه بترت، فلماذا يريد العودة إلى رام الله ثانية؟!" قال يامن نوفل والد الطفل الجريح.
وإثر هذا؛ لجأ الأب المكلوم إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعريف بقضية نجله، واقتصر حلم الطفل وعائلته على تركيب طرق صناعي يمكنه من الحركة والتنقل، بعدما كان الجميع يتمنى أن يصبح لاعب كرة قدم شهيرًا، الرياضة التي أحبها الطفل كثيرًا وأتقن لعبها رغم صغر سنه.
ولاحقًا، تواصلت جمعية إغاثة الطفل الفلسطيني مع عائلة الطفل نوفل، على إثر استمرار رفض الاحتلال السماح لعبد الرحمن بالانتقال إلى الضفة الغربية لإكمال العلاج.
واستطاعت الجمعية من خلال التواصل مع مؤسسات دولية معنية بإغاثة الأطفال، استخراج فيزا سفر للولايات المتحدة الأمريكية لدخول أراضيها. وفعلاً استطاع عبد الرحمن عبور حاجز بيت حانون، والمكوث في القدس المحتلة يومًا واحدًا قبل انتقاله إلى مطار "بن غوريون" في آب أغسطس/ الماضي، والسفر برفقة طبيب أمريكي.
وحطَّ الطفل في عدة مطارات انطلاقًا من "بن غوريون" في الداخل المحتل، إلى ألمانيا ومن ثم إلى بوسطن قبل الانتقال إلى أوهايو، حيث يقيم هناك لدى عائلة فلسطينية تبنته منذ وصوله.
وكانت معالم الارتياح واضحة في تصرفات الطفل، وبدا ذلك على صوره التي ملأت موقع "فيس بوك"، وهنأه الجميع بالسفر أخيرًا رغم محاولات سلطات الاحتلال الحيلولة دون ذلك لأكثر من شهرين، لم يترك والده بابًا إلا طرقه لتمكين نجله من العلاج.
وقال عبد الرحمن يومها: "لم كن أتخيل أنني سوف أزور القدس ثم أصل أمريكا لكي أحصل على طرف صناعي يمكنني من لعب كرة القدم والركض مع أصدقائي من جديد".
ومن المقرر أن يقضي الطفل فترة علاجه قبل عودته إلى غزة، كما قال والده لـ"فلسطين".
وأضاف: إن الدنيا لم تسع عبد الرحمن بعد تركيب الطرف الصناعي، وأنا ووالدته كذلك عندما رأيناه يركض. أخيرًا أصبح بإمكانه السير والعودة للدراسة.
والساق التي حظي بها عبد الرحمن، ستكفيه عامًا ونصف أو عامين على الأكثر، وبعدها سيكون بحاجة إلى طرف صناعي سيجبره على خوض رحلة علاج جديدة، لطالما فرضت (إسرائيل) واقعًا مريرًا على الطفل الذي حظي بفرصة علاج في الخارج من بين عشرات مبتوري الأطراف المصابين بالرصاص الإسرائيلي المتفجر شرق غزة.