أيام طويلة وعناوين الصفحات الأولى من الصحافة الإسرائيلية يتصدرها اسم وصورة الطالبة الجامعية الأمريكية من أصول فلسطينية، لارا القاسم، بعد أن أوقفتها السلطات الأمنية بمطار بن غوريون قادمة من الولايات المتحدة لدراسة الماجستير بالجامعة العبرية، بزعم أنها من نشطاء حركة المقاطعة العالمية بي دي أس.
احتلت لارا بصورة لافتة حيزاً كبيرًا من ساعات البث التلفزيوني وشبكات التواصل وحبر الكتاب الإسرائيليين، بين مؤيد لدخولها (إسرائيل) رغم مواقفها، ومعارض لذلك عقابًا عليها، حتى سمحت المحكمة الإسرائيلية بدخولها رغم اعتراض الأمن.
حالة لارا ليست الأولى من نوعها، ولا أظنها الأخيرة، عقب القرار الحكومي الإسرائيلي بإعادة وطرد كل مسافر أجنبي يزور (إسرائيل)، إن تبيّن في ملفه الأمني أنه محرض ضدها، أو داعم لمقاطعتها، أو متعاطف مع الفلسطينيين، ويشمل قرار الطرد هذا، اليهود الذين يتبنون هذه المواقف.. هكذا دون استثناءات!
هذا السلوك المعيب تطلب من الأمن الإسرائيلي القيام بجهود أمنية هائلة لمطاردة وملاحقة كل من يقع تحت مقصلة هذه المخالفات، ويشمل ذلك: فنانين، مثقفين، كتابًا، أكاديميين، طلابًا، وغيرها من الفئات المختلفة في العالم.
تابعنا في الأشهر الأخيرة العديد من عمليات الطرد لأوروبيين وأمريكيين، منهم يهودا، عدّت (إسرائيل) أن دخولهم إليها يعرض مصالحها للخطر، لأنهم يهدفون لتشويه صورتها، أو الانتقال للضفة الغربية، وتنظيم فعاليات متضامنة مع الفلسطينيين، ثم يغادرونها وقد ازدادوا يقيناً أنهم أمام دولة أبارتهايد، تمارس التمييز العنصري ضد الفلسطينيين، وترتكب جرائم حرب، وتحفظ أمنها على حساب أصحاب الأرض الأصليين.
لم يشعر الكثيرون، باستثناء المتابعين، بعمليات الطرد التي طالت النشطاء، حتى جاءت قضية لارا القاسم لتسيطر بصورة غير متوقعة على الحدث الإسرائيلي أيامًا طويلة، دون وجود تفسير محدد لذلك، مع الأخذ بعين الاعتبار أن حجزها في صالة المطار سلط الأضواء عليها، فلا هم سمحوا لها بالدخول، ولا أعادوها على ذات الطائرة، مما يمكن تشبيهه "بحبة البطاطا الساخنة، لا ابتلعتها (إسرائيل)، ولا استطاعت الاحتفاظ بها في الفم، وهي تكويها سخونة وحرقة".
كما أن غرض زيارة لارا لـ(إسرائيل) بهدف الدراسة عمل على تحشيد المجتمع الأكاديمي الإسرائيلي للتضامن معها، واعتبار منعها قمعًا لحرية التعبير، وحرمانًا من حق أساسي من حقوق الإنسان العالمية.
أخيراً.. من يصدق أن الدولة الأقوى في المنطقة، عتادًا وعدة، وصاحبة الأسلحة الفتاكة، والجيش الجرار، وقفت على قدم ونصف أمام صبية لم تتجاوز 22 عامًا، تسببت لها بصداع مزمن طيلة أسبوعين حتى كتابة هذه السطور!
على فكرة: لارا التي عوقبت بسبب مواقفها المتضامنة مع الفلسطينيين، لم يمنحوها وقتاً وجهدًا كافيين لمتابعة قضيتها، وإبداء التضامن معها، ربما لانشغالهم بما هو أهم!