المجتمع الدولي يبقى عاجزًا أمام تنفيذ القرارات الأممية التي يتخذها، أو احترام هيبة هذه القرارات، ويضرب الكيان الصهيوني عرض الحائط بكل القرارات التي تصدر عن الأمم المتحدة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وهناك مئات القرارات الأممية التي يدير الكيان ظهره لها، بل يعد الكيان الأمم المتحدة ظالمة بحقه، ويشدد بتبجح كبير على أن أرض فلسطين هي لليهود، وليست للفلسطينيين.
إن المجتمع الدولي أضعف من أن يواجه الكيان الصهيوني أو يفرض عليه عقوبات أممية، إذ يقف دومًا صامتًا أمام جرائم الكيان في مواصلة البناء الاستيطاني، ويكتفي بمجرد إصدار بيانات الاستنكار والإدانة، حتى القرار الأممي الأخير الذي يحمل رقم (2334) وأدان الاستيطان بالإجماع في مجلس الأمن لم يستطع المجتمع الدولي تنفيذه وإجبار الكيان على وقف التمدد الاستيطاني، لذا ستبقى هذه القرارات حبيسة الأدراج والملفات الأممية، إن لم تكن هناك قوة تفرض على الكيان تنفيذ هذا القرار.
إن رئيس الوزراء الصهيوني (نتنياهو) تعهد لمجلس الوزراء المصغر (الكابينت) بمواصلة بناء مئات الوحدات الاستيطانية، مشددًا على أن الأيام القادمة سيعمل فيها على ضم الوحدات الاستيطانية الكبيرة.
إن الحكومة الصهيونية لم توقف يومًا البناء الاستيطاني ولم تجمد المخططات الاستيطانية، وهي تتنكر دومًا لقرارات المجتمع الدولي ولمطالبات الأمريكان والأوربيين بوقف البناء الاستيطاني، فقد صدقت حديثًا ما تسمى "لجنة التخطيط والبناء" في بلدية الاحتلال بمدنية القدس المحتلة _حسب ما ذكرته وسائل الإعلام العبرية_ على مخططات بناء (560) وحدة استيطانية في مدينة القدس المحتلة، وستصدق في الأيام القادمة على بناء وحدات إضافية في القدس، وسيتركز البناء الاستيطاني في مستوطنة (راموت) ومستوطنة (رمات شلومو) في الجانب الشرقي من القدس.
وفي التوازي مع التصديق على المخططات الاستيطانية في القدس المحتلة تواصل بلدية الاحتلال توزيع إنذارات هدم على منازل المقدسيين في جبل المكبر بذريعة البناء غير المرخص، وتواصل إصدار قرارات إجرامية تعسفية بحق المقدسيين في أنحاء القدس كافة، حيث يواجه المقدسيون هذه الأيام حملة مسعورة من قبل الاحتلال، تستهدف هدم المنازل وتضييق الخناق على أهل القدس والمرابطين فيها.
إن بناء المستوطنات من أولويات عمل الحكومة الصهيونية هذا العام، بل ربما يكون هذا العام من أكثر الأعوام تسجيلًا لبناء المستوطنات، خاصة أن الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة (ترامب) ستكون بجانب حكومة (نتنياهو) في التوسع الاستيطاني، لاسيما أن مستشار الرئيس ترامب يهودي من الداعمين للكيان الصهيوني.
إن الإدارة الأمريكية الجديدة لن تتجاوز الخطوط والسياسات الأمريكية الصهيونية في التعامل مع الكيان، وستبقى الداعم الأكبر، خاصة بالتمويل العسكري، وحماية الكيان في الأمم المتحدة، وإجهاض كل القرارات المضادة للكيان، خاصة أن البيت الأبيض أعلن بدء مشاورات نقل السفارة الأمريكية من مدينة تل الربيع (تل أبيب) إلى القدس المحتلة، في خطوة استفزازية خطيرة، بهدف استرضاء اليهود وتنفيذ الوعود الأمريكية.
إن مواصلة حكومة نتيناهو مخططاتها الاستيطانية في القدس المحتلة والضفة تؤكد رفض الكيان الصهيوني القرارات الأممية كافة، وضربه عرض الحائط بكل الحلول الأممية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وإن مواصلة البناء الاستيطاني رسالة لكل المفاوضين والمساومين أن الكيان الصهيوني لن يعترف بأية قرارات أممية، ولن يقبل وقف التوسع الاستيطاني ووقف التهويد في القدس والمسجد الأقصى.
إن الانتشار الواسع للمستوطنات في الضفة المحتلة والقدس يؤكد سعي حكومة الاحتلال جديًّا إلى تنفيذ مخططات ضم المستوطنات الكبيرة، ومواصلة سرقة أرضنا بالضفة الغربية، وإنهاء أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية مؤقتة على الأراضي المحتلة عام 1967م، لذا يجب على كل الفلسطينيين وكل العرب الوقوف في وجه المخططات الاستيطانية، ووقف التنسيق مع الكيان الصهيوني، وتشكيل جبهة مقاومة عربية إسلامية رفضًا لمخططات سرقة أرضنا الفلسطينية.