رجَّح محللان سياسيان أن التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد قطاع غزة يهدف إلى وقف مسيرات العودة وكسر الحصار الممتدة منذ 30 مارس/ آذار الماضي، وتحسين شروطها للتهدئة التي تسعى وساطات مصرية ودولية إلى تحقيقها بين المقاومة و(إسرائيل).
و أكد المحللان لصحيفة "فلسطين"، أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير جيشه أفيغدور ليبرمان، يريدان من الفصائل بمن فيها حركة حماس الإسراع في إنجاز ملف التهدئة.
وشنت مقاتلات جيش الاحتلال، أمس، سلسلة ضربات جوية على مواقع متفرقة في غزة، أدت إلى استشهاد مقاوم، شمال القطاع، في أعقاب إطلاق صاروخ من غزة سقط في منزل ببئر السبع، وأحدث أضرارًا مادية كبيرة، وفق مزاعم الاحتلال.
وقال الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، إنه لا يستبعد جولة تصعيد إسرائيلية في ضوء عقدة التهدئة وارتباطها بملف المصالحة المتعثرة، والتدخلات الخارجية.
وشدد عوكل على أن الهدف من جولة التصعيد هذه، الضغط وتحسين شروط التهدئة بالنسبة لـ(إسرائيل) والاستعجال في إنجازها.
وأشار إلى أن المناخ كان مهيأ للتصعيد تزامنا مع تهديدات ليبرمان تجاه غزة، ولكن غير متوقع أن يتدحرج التصعيد إلى عملية عسكرية، والذي جرى ليس له علاقة بقرار تصعيد إلى هذا المستوى.
ولفت إلى البيان الصادر عن غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة، الذي أظهر بوضوح عدم رغبتها في التصعيد، ورفضها حرف البوصلة عن مسيرات العودة الممتدة منذ أكثر من 6 أشهر.
وقرأ ذلك بأن طرفا ما معني بتأزيم الوضع، وربما يكرر إطلاق صواريخ تجاه الأراضي المحتلة، ليعطي ذريعة لجيش الاحتلال لشن هجمات واسعة على غزة.
وأضاف أن هذه الجولة محدودة والوفود والوسطاء الموجودون في غزة يعملون بشكل حثيث لإبقاء حالة التهدئة مستمرة خشية الانفجار والذهاب تجاه تصعيد كبير.
وتابع عوكل: حكومة الاحتلال وجيشه يحملان دائما حركة حماس المسؤولية على اعتبار أنها مسؤولة عن الوضع في غزة، لكن هناك أصابع تتحرك من الخلف تحاول إفساد العمل السياسي للفصائل.
رسائل ضغط
ورأى المحلل السياسي راسم عبيدات، أن حكومة الاحتلال معنية بإيصال رسائل من خلال تصعيدها عسكريًا بغزة، تظهر عدم قبولها باستمرار مسيرات العودة، وما يترافق عنها من مظاهر مقاومة ونضال قرب السياج الفاصل بين قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م.
لكن عبيدات قلل من جاهزية جيش الاحتلال لعدوان موسع في ضوء الأوضاع المحيطة بالمنطقة سواء كانت عربية أو إقليمية، وفي الوقت ذاته إذا كان العدوان سيخدم مصالح الاحتلال فإنه جيشه سيقدم على المغامرة بغزة.
وأضاف: إن تهديدات حكومة الاحتلال وقادة جيشها ضد غزة، جعلت الجميع يتوقع موجة التصعيد هذه، مشيرًا إلى أن الاحتلال سيتلكأ في إدخال المساعدات الإنسانية في محاولة لإجبار الغزِّيين على التخلي عن مسيرات العودة وما تشمله من وسائل مقاومة شعبية.
إلا أن (إسرائيل) وجدت القوى والفصائل في غزة متمسكة بخيار المقاومة الشعبية، وهي لن تقبل بوقف المسيرات مقابل ضخ الوقود والمساعدات الإنسانية لغزة، بحسب عبيدات.
وتابع المحلل السياسي: الاحتلال يجد نفسه في مأزق مع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية في ضوء منافسة الأحزاب، وادعاء البعض في الدولة العبرية أنه قادر على تنفيذ عملية عسكرية واسعة تقضي على المقاومة بغزة.
وعدَّ عبيدات أن هذا التصعيد محاولة للضغط على قوى المقاومة وحركة حماس من أجل تغيير موقفها فيما يتعلق بمسيرات العودة، منبِّها إلى أن جيش الاحتلال لا يريد حربا شاملة حتى لا يغرق في مستنقع غزة، لأنه يدرك أن عملية احتلالها ستكون مكلفة ليس فقط في المواجهة العسكرية فحسب، بل أيضًا بقدرة المقاومة على قصف عمق الأراضي المحتلة، بما لا يخدم الجبهة الداخلية الإسرائيلية غير المحصنة وغير القادرة على تحمل تداعيات العدوان بغزة مجددًا.

