بالنظر لتطورات الساعات الأخيرة في غزة، يمكن إجراء محاكاة متخيلة لما يجري في الكابينت الإسرائيلي من نقاشات حول طبيعة السلوك المتوقع تجاهها.
المؤيّدون والداعون للعدوان، ويقف على رأسهم الوزراء: ليبرمان وبينيت وأردان وشكيد وكاتس، يبررون اندفاعهم للحرب بجملة من الأسباب:
- الدافع الأساسي لشن العدوان هو الخشية من تحطم نظرية الردع الإسرائيلية.
- استمرار الفلسطينيين بمظاهراتهم دون إزعاج، لأنهم مطمئنون أن إسرائيل لن تذهب لحرب، ولن تجبي منهم ثمنًا باهظًا، وقد يتجرؤون على اقتحام الحدود، ومحاولة اختطاف جنود.
- إسرائيل تعيش أجواء انتخابات، وفيما دأب رئيس الحكومة ووزير الحرب على القول كل يوم جمعة: إن الوقت نفد، لكنهما يعاودان إعطاء فرصة أخيرة لحماس.
أما المتردّدون، وليس الرافضين، لشن العدوان، ومن أبرزهم: نتنياهو- آيزنكوت- غالانت- شتاينيتش، وغيرهم، فإنهم يفسرون موقفهم بالتبريرات الآتية:
- الوضع القائم على حدود غزة، على سوئه، أفضل لـ(إسرائيل) من الاستدراج لخيارات عسكرية، فمرور 6 أشهر على المظاهرات، بسقوط مائتي قتيل فلسطيني وآلاف الجرحى مقابل قتيل إسرائيلي واحد، أفضل من سقوط عشرات القتلى الإسرائيليين خلال الحرب.
- الجيش يستوعب المظاهرات بالقناصة، وعدد مقلّص من الوحدات العسكرية والدبابات والطائرات بكلفة متواضعة، ولكن إن نفّذ عملية عسكرية، فسيضطر لتجنيد الاحتياط، واستنفار معداته، بمليارات الدولارات.
- هناك تبعات سلبية للعدوان قد تشمل اشتعال الضفة الغربية بسبب أخبار حرب غزة.
- قد تستغل إيران وحزب الله وسوريا ولبنان حرب غزة، لتحصيل المزيد من القدرات العسكرية، وربما تنفيذ عمليات هجومية، فيما ينشغل الجيش بغزة، كما ستحارب (إسرائيل) على جبهات: قضائية، إعلامية، ودبلوماسية.
بالنظر لمواقف الطرفين، الذي يتخلله صراخ وتبادل اتهامات بين الوزراء، تأتي الخلاصة التي في ختام مناقشاتهما، يوجزها صاحب تقدير الموقف وهو جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان"، بالإيجاز الآتي:
- السؤال الأكبر: ماذا ستحقق (إسرائيل) من العملية العسكرية ما لم تحققه بحروب سابقة، مع أنها إن أرادت تحقيق الهدوء، فبالإمكان تحصيله بوساطة مصر والأمم المتحدة.
- إن كان اقتراب ساعة توجيه الضربة العسكرية على غزة، آت لا محالة، فيجب أن يكون عقب استنفاد كل الخيارات، وإعلان فشلها، حينها تكون فعلا حرب اللا خيار.
أخيراً.. هذه محاولة لتقمّص المداولات التي يشهدها المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر في اتخاذ قراره الخاص بمستقبل الوضع في غزة، بين المضي بتهدئة برعاية مصرية أممية، أو الاستمرار بحالة الاستنزاف القائمة، أو الذهاب لعملية عسكرية واسعة.
لا يعلم كاتب السطور أي كفة سترجح، لأن الميدان سيبقى سيد الموقف، بانتظار ما قد يسفر عنه من تطورات على الأرض.