حذر المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين من نقل السفارة الأمريكية لمدينة القدس لما لتلك الخطوة من مخاطر في عدم الاستقرار وزيادة العنف في المنطقة والعالم أجمع, معتبرًا أن نقلها فيه استفزاز للمسلمين والمسيحيين.
لا شك أن جريمة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة لن تمر مرور الكرام وقد يتم إحباطها إذا تداعت الشعوب العربية والإسلامية إلى نصرة القدس والمسجد الأقصى الآن وقبل أن تصبح أمرًا واقعًا، ولكنني ألاحظ أن البعض مهتم لرد فعل المسلمين بشكل عام والفلسطينيين بشكل خاص أكثر من الاهتمام بالجريمة نفسها.
لو كان نقل السفارة فيه استفزاز للمسيحيين لما فكر الرئيس المسيحي دونالد ترامب في تلك الخطوة، وبالتالي لا بد أن نكف عن ذكر الديانات الأخرى عند الحديث عن القدس لأن القدس إسلامية والسيادة عليها لا بد أن تكون للمسلمين.
الأمر الآخر الذي يلفت الانتباه هو التحذير من الإرهاب المتوقع للرد على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. نحن نعلم أن كل الإرهاب الذي يمارس في الوطن العربي وخارجه لم يرتبط يومًا باحتلال اليهود لفلسطين ولا علاقة له بتحرير القدس والمسجد الأقصى، بل يمارس الإرهابيون إرهابهم ضد أبناء دينهم وأوطانهم ولكن إرهابهم لا يمس اليهود ولا مصالحهم، وبالتالي فإن نقل السفارة لا يستفز الإرهابيين بل يستفز المسلمين, وقد يزيد من عدائهم لليهود ومقاومتهم للمحتل الإسرائيلي, وهذا لا يعد إرهابًا ولا يجوز للشيخ الفاضل محمد حسين أن يربط الإرهاب بالدفاع عن فلسطين والمقدسات الإسلامية.
إن أسوأ شيء قد حدث للقدس وهو احتلالها من جانب اليهود قبل 69 عامًا، والأنظمة العربية يومها لم تفعل شيئًا لاستعادتها ولا لمنع الجرائم الإسرائيلية فيها, وهي لن تفعل أي شيء لمنع الرئيس الأمريكي من تنفيذ وعده بنقل السفارة رغم ادعاء تلك الأنظمة أنها تشعر بالاستفزاز, ولكن موقف الشعوب العربية والإسلامية وموقف الشعب الفلسطيني لا بد وأن يكون مغايرًا للمواقف الرسمية، ولا بد أن الاستفزاز سيحركهم، فإن كان موقفهم يرقى إلى حجم الجريمة فإنني أعتقد أنها لن تتم وخاصة إذا كانت هناك خطوات استباقية وغير متأخرة لأن الإدارة الأمريكية الجديدة تراقب رد فعل من يهمهم أمر القدس قبل اتخاذ قرارها النهائي.