قدّرت صحيفة «معاريف» «الإسرائيليّة» أن تؤدي المصادقة على قانون إعفاء «الحريديم» من الخدمة العسكريّة إلى استقالة وزير الأمن «الإسرائيلي» أفيغدور ليبرمان، ما يعني فضّ الائتلاف الحكومي والدعوة إلى انتخابات مبكّرة قد تكون في فبراير/ شباط المقبل. وقالت الصحيفة «إن القرار بخصوص مشروع القانون الذي كاد يطيح بحكومة نتنياهو في مارس/ آذار الماضي، من المقرر أن يتخذ خلال الأيام القليلة المقبلة.
مصادر سياسية في «إسرائيل» تتوقع أن توصي اللجنة الوزاريّة الخاصّة بتجنيد طلاب المدارس الحريديّة، وتقليص الإعفاءات الممنوحة لهم حاليًا، كما نقلت المصادر نفسها عن مسؤول سياسي قوله، إن الانتخابات أقرب منها إلى أي وقت مضى، مقدرًا «ألا يصمد نتنياهو أمام ضغوط الحريديم، وأن يدعم التصويت على القانون»، وبالتالي، فإن ليبرمان سيعلن عن استقالة حزبه من الائتلاف الحكومي، وفقًا للمسؤول الذي أضاف أنّ نتنياهو لن يستطيع إدارة ائتلاف ضيّق بأقل من 61 عضوًا، لذلك سيعلن عن انتخابات مبكّرة، وستكون غالبًا في فبراير 2019.
نعم، إلى الانتخابات المبكرة. قد تذهب «إسرائيل» هذه المرة، بعد تعنت نتنياهو، ووصول الأزمة السياسية الداخلية إلى «اللا حل»، وسط اتهامات المعارضين لسياساته بأنه هو المتسبب بالأزمة السياسية في «إسرائيل»، وفشل محاولات رأب الصدع بينه وبين وزير ماليته يائير لبيد، بعدما تبادل الطرفان اتهامات غير مسبوقة، جعلت الأخير يتهم الأول بأنه سعى إلى إفشال اللقاء قبل بدئه. وأنهى هذا الخلاف كل مساعي التوصل إلى تسوية لأزمة الثقة التي تعانيها حكومة نتنياهو. وتقول وسائل إعلام الاحتلال، إن نتنياهو وضع أمام لبيد خمسة شروط: وقف شن هجوم على الحكومة، بما في ذلك انتقاد البناء في شرقي القدس، وانتقاد العلاقات مع الولايات المتحدة، ونقل ستة مليارات شاقل لميزانية الأمن، وتمرير موازنة إضافية لنقل ثكنة جيش الاحتلال إلى جنوب «إسرائيل»، ودعم «قانون القومية» الذي عرضه نتنياهو وتجميد برنامج الإسكان الخاص بلبيد. ووفق التقارير، رد لبيد على شروط نتنياهو هذه، ونقل عنه القول: «هذه محاولة، وهذه شروط لن نوافق عليها». من جهته، قال رئيس كتلة الائتلاف الحكومي، زئيف إلكين، إن نتنياهو قرر التقدم نحو إجراء انتخابات لأنه فهم أن «وزير المالية قد كذب في ما يتعلق بميزانية الجيش. يفهم رئيس الحكومة أنه ليس قادرًا على الوقوف جانبًا ومتابعة إعطاء وزير المالية إدارة الاقتصاد بموجب مفاهيمه».
من ناحية أخرى، ففي الوقت الذي خضع فيه نتنياهو لتحقيق وحدة «لاهف» في الشرطة الصهيونية للمرة الثانية عشرة، بسبب شبهات فساد، ورشى، وإساءة استخدام السلطة، وبروز مؤشرات على أن الملفات الأربعة التي تحمل الأرقام 1000، 2000، 3000 و4000 قد تنتهي بتوجيه لائحة اتهام، يمكن أن تُسهم في تهديد مستقبله السياسي، بخاصة أن زوجته سارة توشك هي الأخرى على دخول السجن، بعد أن بات مؤكدًا توجيه لائحة اتهام ضدها باستخدام أموال «الدولة» لأغراض شخصية.
هذه الأجواء بالطبع تزيد الحديث عن الانتخابات المبكرة التي ينوي نتنياهو الدعوة إليها، متذرعًا بقانون التجنيد للحريديم. نتنياهو الذي يشهد له خصومه الكثر قبل حلفائه، بأنه مناور بارِع، وإن كانوا جميعًا يتّفِقون على انه مخادع، ولا يتّخذ مواقف حاسمة في أي موضوع داخلي، بل يعمد إلى إثارة الخلافات بين شركاء الائتلاف والتلويح لمعظمهم بانتخابات مبكرة، لثقته بأن معظمهم لا يُحبّذ خيارًا كهذا، لأن أحزابًا مُعينة تخشى عدم اجتياز نسبة الحسم (حاليًا 3,25%)، ونواب في أحزاب أخرى يخشون عدم عودتهم للكنيست. نتنياهو سيبُت خلال أسبوعين، وبشكل نهائي، في قرار التوجّه نحو انتخابات مبكرة أم لا، لكنه لا يكف عن المناورة محاولًا الحؤول دون اختفاء أحزاب تعنيه، تُهدّدها احتمالات عدم اجتيازها نسبة الحسم، لهذا يسعى إلى تشريع قانون في الكنيست الذي يبدأ دورته الشتوية منتصف الشهر الجاري ينص على تخفيض نسبة الحسم كي تصبح 2.25% إلى الكنيست. ولن يجد نتنياهو معارضة تذكر لمشروعه هذا، لكن هدفه ليس فقط تأجيل »محاكمته» وسط أنباء عن قرب انتهاء الشرطة من التحقيقات، وإعلان توصياتها، وما إذا كانت ستحمل في طياتها توجيه لائحة اتهام رسمية له، بقدر ما هو معني بأن يحوز حزبه (الليكود) على أربعين مقعدًا، وهو خيار لا يبدو مُستبعَدًا في ضوء استطلاعات الرأي. في الوقت ذاته الذي لا يوجد في الساحة «زعيم» آخر يُنافسه على رئاسة الحكومة الجديدة. اللهم إلاّ إذا حدث «انقلاب» داخل الليكود.